تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مقتضاه الجد وبه قال أبو حنيفة والكلام في هذه المسألة في فصلين أحدهما أن إطلاق اللفظ يقتضي التبقية. والثاني أن البيع غير جائز والدليل على ما نقوله قوله نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وهذا اللفظ يقتضي النهي عنه على الإطلاق؛ لأنه لم يقيد ذلك بشرط قطع ولا غيره فإن قالوا هذه حجتنا؛ لأنه قال حتى يبدو صلاحها وهذا يدل على أن البلح يجوز بيعه؛ لأنه يقصد للأكل، والحصرم يجوز بيعه؛ لأن الحصرم يقصد للطبخ والجواب أن الحصرم لم يبد صلاحه؛ لأنه لا يستطاب أكله الاستطابة المعهودة من الأكل المقصود ألا ترى أنه قال في حديث أنس الذي يأتي بعد هذا إنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل له يا رسول الله وما تزهي قال حين تحمر وجواب ثان وهو أن العلة عندكم ليس هذا من بدو الصلاح ألا ترى أن سائر الفواكه يجوز بيعها على هذا الوجه وإن لم يبد صلاحها وجواب ثالث وهو أن هذا تعلق بدليل الخطاب وأنتم تقولون به ونحن فمن أصحابنا من لا يقول به. ومن قال به منهم فإنه يقول به ما لم يعد بإسقاط النضج وها هنا يؤدي إلى إسقاط النضج؛ لأنا لو قلنا إن الحصرم يجوز بيعه لزمنا أن نقول مثل ذلك في سائر الفاكهة؛ لأن أحدا لم يفرق بينهما ولو قلنا ذلك لأبطلنا في سائر الفواكه حكم النضج فإن قالوا نحمله على المنع من بيعه بشرط التبقية فالجواب أن إطلاق العقد يقتضي التبقية؛ لأن المعهود من حال الثمرة إبقاؤها على الشجرة إلى أن تتناهى وجواب ثان وهو أن هذا لا يصح على أصلكم؛ لأنه لا يجوز بيعها بشرط التبقية بعد أن يبدو صلاحها فلا توجد فائدة لتخصيصه ذلك بما قبل بدو الصلاح فإن قالوا المراد بقوله حتى يبدو صلاحها حتى تظهر الثمرة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه وما قد وجد لا يقال فيه إذا منعه الله فالجواب أن هذا ننقله عليكم وهو أنه صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع الثمار وما لم يوجد لا يسمى ثمارا وجواب ثان وهو أنه قد فسر هذا في حديث أنس فقال حين يحمر وجواب ثالث وهو أنه يقال منع الله الثمرة بعد وجودها بمعنى أنه منع الانتفاع بها فإن قالوا يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا على وجه النصيحة والمشورة لا على وجه التحريم والإخبار عن الشرع. يدل على ذلك ما روى سليمان بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت قال كان الناس يتبايعون الثمار قبل أن يبدو صلاحها فإذا جاء من الناس وقت تقاضيهم قال المبتاع قد أصاب الثمر الدمار وأصابه فساد وأصابه مراض عاهات يحتجون بها فلما كثرت خصومتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمشورة يشير بها فلا تبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها لكثرة خصومتهم واختلافهم والجواب أن الذي روى ابن عمر النهي عن ذلك والنهي يقتضي التحريم فلا يعدل عن مقتضاه إلا بدليل، وأما ما أورده فهو تأويل من زيد فلا يرد به ظاهر نهي النبي صلى الله عليه وسلم وجواب ثان وهو أنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أشار بذلك أولا ثم حرمه لهذا المعنى وجواب ثالث وهو أن هذا التأويل لا يصح على أصلكم؛ لأن بيعه على الإطلاق إنما يقتضي عندكم الجذ والتبقية وفيه محرمة وهذا يمنع من أن يكون نهيه على وجه المشورة ويوجب أن يكون على التحريم والدليل على ذلك ما روى إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخابرة قال صاحب العين المحاقلة بيع الزرع قبل بدو صلاحه والمخابرة بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ودليلنا من جهة القياس أن هذه ثمرة نامية أفردها بالبيع عن أصلها قبل بدو صلاحها من غير شرط قطعها فلم يصح بيعها كما لو باعها بشرط التبقية.

(مسألة) ولا يباع الزرع إذا أفرك ولا الفول إذا اخضر ولا الحمص والجلبان إلا بشرط القطع؛ لأن بدو منفعته المقصودة اليبس واستغناؤه عن الماء وإنما يؤكل البلح وعلى هذا حكم الجوز واللوز والفستق عندي والله أعلم وأحكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير