[بعثرة هباء "ابن قرناس" الذي لبس به على الناس]
ـ[صلاح الزيات]ــــــــ[25 - 08 - 10, 06:00 ص]ـ
هذا "بُحيث" صغير متواضع في مناقشة كتاب: (الحديث والقرآن) لكاتب سمى نفسه "ابن قرناس"، وهو ممن أكثر مؤخراً من الكتابة في أبواب التلبيس وإثارة الشبهات حول السنة النبوية.
كنت قد كتبت هذا "البحيث" لفضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور خالد بن منصور الدريس، نسجت فيه على منوال كتابه: (العيوب المنهجية في بحوث المستشرق شاخت حول السنة النبوية)، وسأقوم بعرض هذا "البحيث" بين أيديكم تباعاً، لإثارة الموضوع عند طلاب العلم، وللاستفادة من ملحوظات المشايخ.
وللعلم: فإني سأرفق في نهاية المطاف هذا البحيث مجموعاً في ملف pdf إن شاء الله تعالى، فإلى البحث:-
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته وأزواجه وذريته، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من سنن الله الكونية الثابتة التي لا تتغير: سنة المدافعة، دفع الخير والإيمان للشر والكفر، ودفع الشر والكفر للخير والإيمان، فلا يزالان يعتلجان ويتصاولان حتى يقضي الله بينهما بما يناسب حكمته البالغة، ويظهر آثار أسمائه الحسنى وصفاته العلى، من نصره لأوليائه، وإذلال أعدائه، وعزته ورحمته وحلمه وانتقامه وقوته.
ولم ينقطع أهل الباطل عن محاولة الدفع في صدور النصوص الشرعية والطعن في خواصرها، وجهودهم لم تقتصر على السعي في إنكار أصل الشرع وصحة الرسالة، بل يتطور حالهم من هذه المرحلة إلى محاولة العبث بتأويل النصوص وتفريغها من دلائلها، ولكن الحال معهم كما قال حسان بن ثابت 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -:
باسم الذي لا دين إلا دينُه
باسم الذي محمدٌ رسولُهُ
خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبِيلِهِ
اليوم نضربكم على تَأْويلِهِ
كما ضربناكم على تنزيلِهِ
ومن هنا كانت هذه الكتابة المتواضعة؛ في الرد على كتاب وضعه أحد المعاصرين سماه: (الحديث والقرآن)، الطبعة الأولى 2008 إفرنجي، ومنشور في دار الجمل، وهي الدار المعروفة بالمسابقة إلى إخراج الكتب المشبوهة والمشكلة، وعالج فيه الكاتب جملة من المسائل الحديثية التشريعية بحسب وجهة نظره، وكان منهجه فيه بحسب ما ذكره في ثنايا الكتاب: يقوم على عرض نزر يسير من الأحاديث على كتاب الله؛ لإثبات أنّ الحديث لا يمكن أنْ يكون صدر من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بصورته التي في كتب الحديث .. ، اكتفى فيه بمناقشة بعض أحاديث البخاري في صحيحه، كممثل للأحاديث السنية .. ، يورد الحديث ثم يقارنه بما جاء في القرآن في نفس الموضوع .. ، وقسم الكتاب إلى خمسة أقسام:
1 - الأحاديث العامة التي تناولت كافة المواضيع.
2 - الأحاديث عن الحكام والسلاطين.
3 - صورة رسول الله في كتب الحديث.
4 - عن جرأة كتب الحديث على الله.
5 - أحاديث الكافي للكليني.
ولأن الكتاب اشتمل على جملة من المغالطات العلمية، وتجاوز الطرائق المعروفة في أروقة العلم عند مناقشة مسألة أو معالجة قضية بحثية، استوجب ذلك التصدي لتلك الكتابة بياناً لما فيها من المجازفة والتضليل، فوجه فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور/خالد بن منصور الدريس، أستاذ الحديث وعلومه بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية من جامعة الملك سعود، إلى العمل على كتابة شيء حول هذا الكتاب لطلاب وطالبات مرحلة الدكتوراه بالقسم، فكان نصيبي منه: أول (100) صفحة فقط.
وقد جعلت البحث على بابين:
الباب الأول: في بيان العيوب المنهجية في كتاب (الحديث والقرآن)، وتحته ستة مباحث:
المبحث الأول: انتزاع النتائج من المسلمات الأولية.
المبحث الثاني: الانتقائية العلمية.
المبحث الثالث: الشك غير المنهجي.
المبحث الرابع: إهمال الأدلة المضادة.
المبحث الخامس: التفسير المتعسف للنصوص.
المبحث السادس: التعميم الفاسد.
والباب الثاني: في دراسة نماذج من الأحاديث المنتقدة في كتابه، على النحو التالي:
? حديث أبي سعيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار .. ).
? حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها .. ).
? حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها .. ).
? حديث ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في قصة صاحب موسى عليه السلام.
? حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (إنما سمي الخضر لأنه .. ).
? حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (يا رسول الله؛ إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه .. ).
? حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن: (دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة).
ثم الخاتمة.
وأقدم بين يدي هذا العمل عذراً لما قد يجده الناظر المنصف فيه من نوع حدّة؛ وذلك أمرٌ دفع إليه منهج صاحب (الحديث والقرآن)؛ فإنّ من الكُتَّاب من يلتزم الطرائق المرعيّة في الدراسة، ويبني نتائجه على المقدمات الصحيحة، ملازماً لأدب البحث، ومالكاً لأدواته، فهذا إذا ما نُوقِشَ فإنه يُسلك معه طريق قَرْع الحجة بالحجة، وإقامة سُوقِ البراهين.
ومنهم من إذا كتب فإنه يسلك سبيل مجابهة القطعيات والمسلمات بمحض الظن، ويهجم على ما لم يحط به علماً ولا سبق له به خُبْرٌ؛ مسلطاً سيف الخرْص على رقاب الحقائق، مع تجاوز أساليب أدب البحث والحجاج، ويبني النتائج على مقدمات كسيحة لا تقوم على قدم ولا ساق، فمثل هذا لا تعنيه الحجة ولا البرهان، فتقديمها بين يديه لا تحرك مكامن التفكير عنده، فيحتاج إلى أسلوبٍ يناسب حاله، فيه شيء من عَرْكِ الأُذُن، والصَّفْعِ على القَفَا.
أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يوفق شيخنا الدكتور خالد الدريس، وأن يرفع درجته في الدنيا والآخرة، وأنْ يتولانا جميعاً برحمته وعفوه وستره، وأنْ يجعلنا جنوداً لدينه، ومن أنصار سنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، التي هي سفينة نوح عليه السلام، من ركبها فهو الناجي، ومن تخلف عنها فإنه لم يفوِّت إلا نفسه، والحمد لله رب العالمين.
الرياض
فجر يوم الاثنين 9/ 7/1431هـ
¥