والدليل على أنه من المختلفات والمفتريات على رسول الله صلى الله عليه وسلم طوله المفرط مع ركاكة ألفاظه وغرابته و نكارته وإعضاله عند نقاله, ولانفراد عبد الرزاق به من بين من صنف في دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام ولعدم وجوده في ديوان من دواوين أصول الحذاق سوى مصنف عبد الرزاق ولمخالفته دليل العقل وصحيح النقل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة, ولخلوه من شروط قبول الحديث الستة, التي اشترطها علماء الحديث وأئمته فلم يقبلوا حديثا خلى منها, وهي الاتصال والضبط والعدالة و المتابعة في المستور وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة, وأيضا نص أئمة الحديث ممن تقدمنا وممن عاصرنا على وضعه وضعفه وعدم وجود سند له.
أما مخالفته لنصوص كتاب الله تعالى من حيث دلالتها على أصل ما خلق منه البشر الإنساني والجان الناري فقوله تعالى " خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار" فإن آدم والطين الذي خلق منه مخلوقان أصالة من نور محمد صلى الله عليه وسلم وقال جل وعلا أيضا في أصل نشأة السماء والأرض " قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء لسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم" الآيات. وقال " وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء " , قال بعض المفسرين أن الدخان الذي ذكر الله تعالى انه أصل السماء أصله من بخار الماء الذي كان عليه عرش الرحمن قبل خلق السماوات والأرض وما فيهن من الكائنات, وأن أصل الماء ياقوتة خضراء نظر الله تعالى إليها نظر هيبة فصارت ماء وأنه تعالى تجلى للماء فيبس سقفه فصار ترابا, فهذا ما أخبر الله تبارك وتعالى به أيضا في بدء خلق أصل السماوات والأرض وفسره علماء الأمة المحمدية, ولم يخضعوه ولم يقيدوه بمقتضى ما دل عليه الحديث المذكور, وما ذاك إلا لكونه لا أصل له عندهم إذ لو كان كذلك لتأولوه بما يزيل التعارض بينه وبين ما ذكرنا من النصوص وبين ما سنذكره وستقفون على فعل العلماء ذلك خلال هذه الرسالة إن شاء الله تعالى حيث نذكر في الموضوع ما يقع بينه التعارض من الأدلة الصحيحة إذ ذلك لازم عند المحققين من الفقهاء والمحدثين, والأصوليين, قال العلوي في مراقي السعود والجمع واجب إذا ما أمكنا ... إلى قوله أو يجب الوقف أو التساقط وفيه تفصيل حكاه الضابط.
وقال تعالى في تعيين أصل ما خلقت منه المخلوقات الحيوانية, " وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون " فهذه آيات خبريات لا تقبل النسخ من كتاب الله تعالى دلت بوضع نصوصها على معارضة ما دل عليه الخبر المذكور والحديث إذا كان هكذا يكون موضوعا بلا شك عند العلماء.
قال المحقق ابن القيم رحمه الله في كتابه المنار المنيف في بيان الحديث الضعيف, ما نصه, ومن العلامات التي يعرف بها الحديث الموضوع مخالفته لصريح القران, كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة وأمثاله مما خالف صريح نصوص القرآن انتهى كلامه.
ومن القوادح في الخبر المذكور أيضا مخالفته لما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام من قوله لتميم " اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا بشرتنا فأعطنا قال, اقبلوا البشرى يا أهل اليمن, قالوا قد قبلنا فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان, قال كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء, وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السماوات والأرض ".
قال الأمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن و كيع ابن عدس عن عمه أبي رزين وأسمه لقيط بن عامر العقيلي قال قلت يا رسول الله. أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال " كان في عماء ما تحته هواء ثم خلق العرش بعد ذلك " ورواه ابن ماجه أيضا والترمذي وقال حديث حسن, وقال مجاهد ووهب بن منبه وعمرة و قتادة وغيرهم كان عرشه على الماء قبل أن يخلق كل شيء.
¥