تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى ابن جرير الطبري في التفسير حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أول ما خلق الله القلم قال أكتب قال وماذا أكتب؟ قال أكتب فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة ثم خلق النون ورفع بخار الماء ففتقت منه السماء وبسطت الأرض الخ. الحديث بتمامه ورواه الأمام أحمد والترمذي في جامعه مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق الوليد بن عبادة بن الصامت قال قال لي أبي حين حضرته الوفاة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن أول ما خلق الله القلم: فقال له: أكتب الخ .. وقال حديث حسن صحيح. قال البيهقي في مختلف الحديث جمع بينه وبين ما تقدم عن الصحيحين وغيرهما من أولية خلق العرش والماء على خلق ما سواهما أراد أن أول شيء خلقه بعد خلق الماء والريح والعرش القلم قال وذلك بين في حديث عمران بن حصين كما في الصحيحين عنه مرفوعا ثم خلق السماوات والأرض انتهى كلام البيهقي رحمه الله تعالى, وروى عبد الرزاق عن عمر بن حبيب أحد الثقات عن حميد بن قيس الأعرج عن طاووس الإمام قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله, مم خلق الخلق, قال من الماء والنور والظلمة والريح والتراب, قال الرجل, فمم خلق هؤلاء قال لا أدري, قال ثم أتى الرجل عبد الله ابن الزبير رضي الله عنهما فقال مثل قول عبد الله بن عمرو قال فأتى الرجل عبد الله بن عباس فسأله فقال مم خلق الخلق قال من الماء والنور والظلمة والريح والتراب قال الرجل, فمم خلق هؤلاء, فتلا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ", فقال الرجل, ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي أراد أن مصدر الجميع منه أي من خلقه وإبداعه واختراعه خلق الماء أولا أو الماء وما شاء من خلقه لا عن أصل ولا على مثال سبق ثم جعله أصلا لما خلق بعد, فهو المبدع وهو البارئ لا إله غيره, ولا خالق سواه سبحانه جل وعز انتهى كلام البيهقي رحمه الله تعالى.

ومما يقدح فيه أيضا ما في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام قال مسلم الحجاج حدثنا محمد ابن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال ابن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار, وخلق آدم مما وصف لكم " ويعني الرسول صلى الله عليه وسلم بما وصف لكم ما وصف الله تبارك وتعالى لنا به آدم عليه السلام من أنه خلقه من تراب, ولما كان هذا الحديث من أصح ما روى عنه عليه الصلاة والسلام كما ترون, وكان فيه نوع معارضة لما تقدم من قوله تعالى " وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ", قال المفسرون أنه مخصص لعمومها, قال أبو حيان في البحر, وتكون الحياة على ما قاله الكلبي وغيره حقيقة, ويكون كل شيء عاما مخصوصا, إذ خرج منه الملائكة والجن, إذ ليسوا مخلوقين من نطفة ولا محتاجين لماء, انتهى كلامه.

فانظروا إخواني إلى هذه النصوص الصريحة من كتاب الله والأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق السلف الصالح من الصحابة والتابعين والحفاظ والأئمة من المتأخرين على أولية ما خلق الله من المخلوقات, وأن الصحيح فيه أنه الماء ثم العرش ثم القلم ثم ما شاء الله من الخلق وأن المخلوقات بعد تناهي خلق أنواعها ترجع إلى أصول خمسة وهي الماء والنور والظلمة والرياح والتراب وأن هذه الأصول خلقها الله وأبتدعها لا عن أصل منه خلقها ولا على مثال سبقها, فأين لمسلم من دليل في الشريعة المحمدية يخالف هذه النصوص الصريحة, ويجوز له الإعراض عنها والاعتماد عليه سبحانك هذا بهتان عظيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير