تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"كل ذلك مع كثرة ما يقع له من التحريف والتصحيف، وما ينشأ عن عدم فهم المراد لكونه لم يزاحم الفضلاء في دروسهم، ولا جلس بينهم في مسائهم وتعريسهم، بل استبد بأخذه من بطون الدفاتر والكتب، واعتمد ما لا يرتضيه من الإتقان صحب".

هذا الأمر الذي رماه به السخاوي ذو بال وخطر، فهو جدير بالنظر والتأمل.

فقد كان السيوطي غزير التصنيف مكثراً من التأليف، وأجمع من جاء بعده ممَّن ترجم له على أن تصانيفه كانت كثيرة، واختلفوا في عدد ما أخرج من الكتب والرسائل، قال ابن إياس (29): "وبلغت عدد مصنفاته نحواً من ستمئة تأليف".

وقال النجم الغزي (30): "وألف المؤلفات الحافلة، الكثيرة الكاملة، الجامعة، النافعة، المتقنة، المحررة، المعتمدة، المعتبرة، نيّفت عدتها على خمسمئة مؤلف".

وقال الشمس بن طولون (31): "بلغت عدة مصنفاته نحو ستمئة".

وقال الشرف موسى بن أيوب الأنصاري (32): "وتصانيفه كثيرة، قال بعضهم: إنها بلغت الألف". وبعد أن ذكر عدداً من أشهرها، قال: "وكل مصنفاته مليحة مشهورة بين الناس، ولا يحتاج إلى تعدادها لشهرتها وجودتها، وفضائله كثيرة، رحمه الله تعالى".

وجمعها صاحب (هدية العارفين) (33). فبلغت ثمانية وثمانين وخمسمئة كتاب.

وقد ذكر السيوطي نفسه في (حسن المحاضرة)، أنه أحصى مؤلفاته فبلغت ثمانية وثمانين ومئتي كتاب (24).

وقال في كتابه (التحدث بنعمة الله): إنه صنف أربعين وثلاثمئة مؤلف، وألحقها باسم ثلاثة وثمانين مؤلفاً قال فيها: "إنه شرع فيها وفتر العزم عنها". (35).

ولدينا اليوم كتاب وضعه فاضلان من العاملين في حقل المخطوطات العربية هما الأستاذان: أحمد الخازندار، ومحمد إبراهيم الشيباني وضعا كتاباً أسمياه:

(دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها)، وهو كتاب حفيل مفيد جمعا فيه ما وقفا عليه من كتب السيوطي في مظانها فبلغ ما أحصياه (981) واحداً وثمانين وتسعمئة كتاب مع فوت يسير يبلغ بضعة كتب مذكورة في مظان لم يقفا عليها.

*رسالة (البيان في رياضة الصبيان)، برهاناً على سطو السيوطي:

هذه الكثرة من التصانيف التي بزّ بها العلامة السيوطي من سبقه، ومن عاصره من العلماء والمصنفين، ادعى السخاوي أن كثيراً منها كان اختلاساً وسطواً وانتحالاً، وأورد أمثلة منها ذكرناها. هذه الدعوى التي أضافها إلى ما رماه به من تهم ذكرناها آنفاً قد نجد ما يثبتها، فلئن كانت تلك التهم شيئاً من فرية، أو بهت بسببٍ مما يقع بين الأقران من التحاسد والتنافس على أمور الدنيا فإن دعوى السخاوي في بابة انتحال الكتب مما يعسر دحضه ودفعه، لأن تلك الكتب المختلسة أو المسطو عليها تحمل في صفحاتها ما ينهض بالمضاهاة والمعارضة بما وضعه براهين وحججاً على صحة هذه الدعوى، وشاهدنا على ذلك ماثل بين أيدينا:

وقعت على رسالة لطيفة مخطوطة للإمام السيوطي محفوظة في المكتبة الأحمدية بحلب وراء الرقم (305 مجموع حديث)، وحُفِظتْ مصورتُها في وزارة الثقافة بدمشق في الرقم (ع: 241)، حملت الرسالةُ العنوانَ التالي: (البيان في رياضة الصبيان)، وجاءت في خمس ورقات، منها صفحة للعنوان وثماني صفحات أخرى لمتن الرسالة. استهواني العنوان، فقرأت الرسالة باهتمام، وإذا بها في فن تربية الأطفال، سُررت بها لظني أنني قد أصبت وجازة توقفني على طرائق أهل القرن التاسع في تربية الأطفال وتنشئتهم، وزاد احتفالي بالرسالة حين قرأت في خاتمتها اسم ناسخها "جار الله بن فهد المكمي"، وابن فهد هذا هو الإمام المحدث المؤرخ المتوفى سنة (954هـ) وترجمة السخاوي في (ضوئه)، وقال: "جار الله، ويسمى المحب أبا الفضل محمداً، ولكنه بجار الله أشهر، بن عبد العزيز بن عمر بن محمد الهاشمي، ويعرف كسلفه بابن فهد ... حضر عليَّ وهو في الرابعة في مجاورتي الرابعة من لفظي وبقراءة أبيه وغيره أشياء، ثم سمع عليَّ بعد ذلك أشياء ... ".

وترجمة النجم الغزي في (الكوكب)، قال: "جار الله بن عبد العزيز بن عمر الشيخ، الإمام، المحدث، المخرّج، المؤرخ، محب الدين بن الحافظ عز الدين ابن الحافظ تقي الدين ابن فهد المكي الهاشمي .... جمع تاريخاً وأربعين حديثاً ... ".

وبعد أن ذكر فضله وعدداً من مصنفاته قال: "وأثنى عليه الوالد كثيراً وترجمه بالإمامة والتقدم في علم الحديث، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين وتسعمئة بمكة، رحمه الله تعالى".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير