تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقد الحافظ أبي نعيم لمن ذكره المتأخِّرون أنهم من الصحابة معتمدين على روايات واهية ذاهبة

ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[18 - 10 - 10, 04:58 م]ـ

نقد الحافظ أبي نعيم لمن ذكره المتأخِّرون أنهم من الصحابة معتمدين على روايات واهية ذاهبة

ذكر الحافظ أبو نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ) منهجه في تأليف كتابه " معرفة الصحابة "، فقال في المقدمة:

أَلَّفْتُ هَذَا الْكِتَابَ، وَبَدَأْتُ بِأَخْبَارٍ فِي مَنَاقِبِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، ثُمَّ قَدَّمْتُ ذِكْرَ الْعَشْرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَأَتْبَعْتُهُمْ بِمَنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَتَّبْتُ أَسَامِي الْبَاقِينَ عَلَى تَرْتِيبِ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، اقْتَصَرْتُ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا بَلَغَ مِنْهُمْ عَلَى حَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ مَا يَنْضَمُّ إِلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْلِدِ وَالسِّنِّ وَالْوَفَاةِ فِي مَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ حَدِيثٌ فِيهِ لَهُ ذِكْرٌ أَوْ رُوِيَ لَه ُخَبَرٌ ذَكَرْتُهُ بَعْدَ إِلْغَاءِ الْأَوْهَامِ وَالْمَوْضُوعَاتِ مِمَّا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى ذِكْرِهِ مَسَانِيدُ الْأَئِمَّةِ وَالْأَثْبَاتِ، وَلَا دَوَّنَتْهُ تَوَارِيخُ الْحُفَّاظِ الَّذِينَ هُمُ الْعُمْدَةُ وَالْأَوْتَادُ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِجَمْعِهِ وَذِكْرِهِ مَنْ غَرَضُهُ الْمُكَاثَرَةَ لِلْمَفَاخَرَةِ، لِا التَّحُقَّقَ بِذِكْرِ الْحَقَائِقِ لِلِإْبَلَاغِ وَالْمُتَابَعَةِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ.

ثم قال في كتابه " معرفة الصحابة " (1/ 204 / ط. العلمية):

كُلُّ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنَّمَا ذَكَرْنَاهُمْ لِكَيْ لَا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ إِخْرَاجَهُمُ يَعِزُّ وَيَتَعَذَّرُ، وَإِنَّمَا هِيَ رِوَايَاتٌ وَاهِيَةٌ ذَاهِبَةٌ، وَهُمْ فِيهَا الْوَاهِمُونَ مِنَ الرُّوَاةِ، وَلَمْ يُتَابِعْهُمْ عَلَى أَوْهَامِهِمْ إِلَّا مَثَلُهُمْ مِمَّنْ غَرَضُهُ الْمُكَاثَرَةُ بِالْمُبَاهَاةِ، وَمَنْ جَوَّزَ مِثْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ، فَهُوَ إِلَى السُّقُوطِ وَالضَّعْفِ أَقْرَبُ، لِأَنَّ سَبِيلَ مَنْ خَصَّهُ اللهُ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْإِتْقَانِ أَنْ لَا يُتَابِعَ وَاهِمًا عَلَى وَهْمِهِ، وَلَا مُخْطِئًا عَلَى خَطَئِهِ، بَلْ يُبَيِّنُ وَهْمَهُ، وَيَكْشِفُ خَطَأَهُ لِمَنْ دُونَهُ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ، وَصِيَانَةً لِصَنْعَتِهِ وَعِرْضِهِ، لِأَنْ لَا يَتَّخِذَ الطَّاعِنُ إِلَى إِفْسَادِ الرِّوَايَاتِ وَدَفْعِهَا سَبِيلًا، فَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى (قال أبو معاوية البيروتي: وهو ابن يونس المصري المتوفى 347 هـ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِصِحَّةٍ مَا حَكَاهُ مُسْنَدُ إِمَامٍ، أَوْ تَارِيخُ مُتْقِنٍ مُتَقَدِّمٍ، أَوْ دِيوَانُ أَصْحَابِ الْمَغَازِي، فَالْأَحْسَنُ تَرْكُهُ، وَالسُّكُوتُ عَنْهُ، فَلَوْ جَازَ أَنْ يَشْتَغِلَ الْإِنْسَانُ بِذِكْرِ مَا لَا يُعْرَفُ وَلَا يُوصَلُ إِلَى حَقِيقَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُتَقَدِّمٍ مِنَ التَّابِعِينَ، أَوْ تَابِعِيهِمْ، أَوْ إِمَامٍ مَقْبُولِ الْقَوْلِ، نَافِذِ الْحُكْمِ فِي مِثْلِهِ، لَجَازَ لِوَاحِدٍ آخَرَ أَنْ يُحْدِثَ أَسَامِيَ لَا تُعْرَفُ، وَلَا يُوجَدُ لَهَا ذِكْرٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَيَدَّعِي أَنَّهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، لِيُكْثِرَ بِهَا كِتَابَهُ، وَيُجَلِّيَهَا عَلَى مَنْ شَاءَ مِنَ النَّاسِ، لَكِنَّ الْعَقْلَ وَالْمَعْرِفَةَ وَالدِّينَ يَمْنَعَنْ مِنْ ذَلِكَ، وَاللهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ بِرَحْمَتِهِ.

وللفائدة، أنبِّه أن أكثر من يشير إليه أبو نعيم بـ (المتأخِّرين) هو أحد أقرانه وهو الحافظ ابن منده في كتابه " معرفة الصحابة "، وقد جرى بينهما ما يجري بين بعض الأقران في كل عصر من كلامٍ غير منصف، وأشار إليه الذهبي في ترجمتهما، لكن هذا لا يمنع من الاستفادة وقبول النقد العلمي إنْ كان في موضعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير