أو أن يقال أن (صالح) اصطلاح خاص به.
فهذا كلام إمامين عظيمين من أئمة هذا الشأن يثبت أن تقسيم الحديث عند أهله كان تقسيماً ثلاثياً،
على النحو التالي:-
أ - المقبول.
ب - المردود.
ج- دون الأول وفوق الثاني وإلى القبول أقرب.
وأما الإمام الترمذي فخص في كتابة الحديث الذي بين الصحة والضعف بلفظ الحسن فيكون تقسيم الحديث عنده ثلاثة أقسام هي الصحيح والحسن والضعيف.
قال البيهقي في رسالته إلى أبي محمد الجويني: " الأحاديث المروية ثلاثة أنواع:نوع اتفق أهل العلم على صحته، ونوع اتفقوا على ضعفه، ونوع اختلفوا في ثبوته فبعضهم صححه، وبعضهم يضعفه لعلة تظهر له، إما أن يكون خفيت العلة على من صححه، وأما أن يكون لا يراها معتبرة قادحة"
في حين يرى الإمام ابن تيمية أن التقسيم الثلاثي بهذه الصورة لم يكن معروفاً عند أهل الحديث وأن الترمذي هو أول من قسم الحديث إلى هذا التقسيم فقال:” فهذا أول من عُرف أنه قسمه هذه القسمة أبو عيسى الترمذي ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله ….وقال: وأما من كان قبل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي،لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف والضعيف عندهم نوعان ضعيف ضعفاً لا يمنع العمل به وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي وضعيف ضعفاً يوجب تركه وهو الواهي".
وقال في منهاج السنة: " قولنا إن الحديث الضعيف خير من الرأي ليس المراد به الضعيف المتروك لكن المراد به الحسن كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وحديث ابراهيم الهجري وأمثالهما ممن يحسن الترمذي حديثه أو يصححه وكان الحديث في اصطلاح من قبل الترمذي إما صحيحاً وغما ضعيفاً والضعيف نوعان ضعيف متروك وضعيف ليس بمتروك فتكلم أئمة الحديث بذلك الاصطلاح فجاء من لا يعرف إلا اصطلاح الترمذي فسمع قول بعض الأئمة الحديث الضعيف أحب إلي من القياس فظن أنه يحتج بالحديث الذي يضعفه مثل الترمذي وأخذ يرجح طريقة من يرى أنه أتبع للحديث الصحيح وهو في ذلك من المتناقظين الذين يرجحون الشيء على ما هو أولى بالرجحان منه إن لم يكن دونه".
وتابع ابن القيم شيخه شيخ الإسلام على هذا فقال في بيان أصول أحمد: " وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بالكذب بحيث لا يصوغ الذهاب إليه فالعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف وللضعيف عنده مراتب".
وتابعهما الذهبي على ذلك فقال:" وأما الترمذي فهو أول من خص هذا النوع باسم الحسن".
وقد اعترض الشيخ أبو غدة على ابن تيمية وابن القيم والذهبي فقال معلقاً على الذهبي:" تابع الذهبي في قوله هذا شيخه الإمام الحافظ ابن تيمية رحمهما الله والصواب أن استعمال الحسن موجود ومعروف قبل الترمذي بزمن طويل".
وكلام أبو غدة هذا استفادة من تلميذ محمد عوامة حيث نقله عنه في حاشيته على كتاب قواعد في علوم الحديث للتهانوي، حيث ذكر هناك أن محمد عوامة بحث في كلام ابن تيمية وابن القيم بحثاً جيداً، كان مضمونه إبطال كلام ابن تيمية في تقسيم الحديث وادعاء أن مصطلح الحسن مستعمل قبل الترمذي على المعنى الاصطلاحي، ونقل عن عدد من العلماء استخدامهم لمصطلح الحسن كأحمد وابن المديني والبخاري وابن نمير وابن شيبة وأبو حاتم الرازي والشافعي وأبو زرعة الرازي، وادعى أن لفظ الحسن الوارد في كلامهم محمول على الحسن في الاصطلاح، وهو متكلف في كثير من هذا، غير مثبت لصحة دعواه بالأدلة والبحث، وسيظهر من خلال البحث – إن شاء الله – بطلان شبه القول بالحسن الاصطلاحي لمن أثبته عنهم.
والحقيقة أن كلام ابن تيمية رحمه الله فيه حق وصواب من جهة وغير ذلك من جهة أخرى، فأما الحق والصواب فهو في قوله أن الترمذي هو أول من أطلق على هذا النوع لفظ الحسن أي بالمعنى الاصطلاحي للحسن كما سنبينه فيما بعد وأما أن تقسيم الأحاديث إلى قسمين صحيح وضعيف والضعيف قسمان فهذا والله أعلم غير صحيح، لما سبق عن مسلم وأبي داود من تقسيمهم للحديث إلى صحيح وضعيف ومتوسط بينهما، فالتقسيم الثلاثي للحديث كان قبل الترمذي وكذلك هو مضمون كلام ابن تيمية رحمه الله هو أن تقسيم الحديث كان ثلاثياً، ولكنه جعل القسم المتوسط بين الصحيح والضعيف من جنس الضعيف في حين أن الإمام
¥