فعليك أيها المسلم بالسنة، وإياك والبدعة، وإن رآها الناس حسنة، فإن " كل بدعة ضلالة " كما قال صلى الله عليه وسلم.
........
حديث رقم 51:-
ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن البيلماني، ومع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع؟! وقد أقرهما على ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " (136/ 1) فإنه أورده في " الفصل الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه كما نص عليه في المقدمة.
............
57 - " اختلاف أمتي رحمة ".
لا أصل له.
ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا، حتى قال السيوطي في " الجامع الصغير ": ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا!.
وهذا بعيد عندي، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم، وهذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده.
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: وليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع.
وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " (ق 92/ 2).
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء، فقال العلامة ابن حزم في " الإحكام في أصول الأحكام " (5/ 64) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث:
وهذا من أفسد قول يكون، لأنه لوكان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا، وهذا ما لا يقوله مسلم، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف، وليس إلا رحمة أوسخط.
وقال في مكان آخر: باطل مكذوب، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث (61).
وإن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه
الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة، ولا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب والسنة الصحيحة، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم، بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة
............
59 - " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لأحدكم في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله، فسنة مني ماضية، فإن لم يكن سنة مني ماضية، فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيها أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة ".
موضوع.
فإذا عرفت هذا فمن الغريب قول السيوطي في الرسالة المشار إليها: في هذا الحديث فوائد، منها إخباره صلى الله عليه وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع، وذلك من معجزاته، لأنه من الإخبار بالمغيبات، ورضاه بذلك وتقريره عليه حيث جعله رحمة، والتخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء ... فيقال له: أثبت العشر ثم انقش، وما ذكره من التخيير باطل لا يمكن لمسلم أن يلتزم القول والعمل به على إطلاقه لأنه يؤدي إلى التحلل من التكاليف الشرعية كما لا يخفى.
............
عن أنس قال: مطرنا بردا وأبو طلحة صائم فجعل يأكل منه، قيل له: أتأكل وأنت صائم؟! فقال: إنما هذا بركة! وسنده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حزم في " الإحكام " (6/ 83)
، قال البزار: لا نعلم هذا الفعل إلا عن أبي طلحة، فثبت أن الحديث موقوف ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أخطأ في رفعه ابن جدعان كما جزم بذلك الطحاوي.
قلت: وهذا الحديث الموقوف من الأدلة على بطلان الحديث المتقدم: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، إذ لوصح هذا لكان الذي يأكل البرد في رمضان لا يفطر اقتداء بأبي طلحة رضي الله عنه، وهذا مما لا يقوله مسلم اليوم فيما أعتقد.
............
حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه
¥