تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع والأهواء]

ـ[محمود عبدالعزيز يوسف]ــــــــ[09 - 12 - 10, 02:51 م]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد.

فإن من أعظم الشرور التي انتشرت في الأمة، وتفاقم أمرها، والتبست على كثير من الناس: البدع المضلة، ففيها الاستدراك على الله، وادعاء عدم كمال الدين، فكان] في كل خطبة يحذر منها فيقول: ((وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)).

وقال [: سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم)). [مسلم (1/ 12)]

وقال عن المدينة: ((من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين)). [مسلم: رقم 1366]

فهجر أهل البدع ومنابذتهم من أعظم أصول الدين التي تحفظ على المسلم دينه وتقيه شر مهالك البدع والضلالات. كيف لا، وقد أوضح الله تعالى هذا الأصل العظيم حيث قال: ?وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين?.

قال ابن عون: كان محمد بن سيرين - رحمه الله تعالى–يرى أن أسرع الناس ردة أهل الأهواء، وكان يرى أن هذه الآية أُنزلت فيهم: ?وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم?. [الإبانة لابن بطة (2/ 431)]

والآثار عن السلف في التحذير من البدع وأهلها كثيرة جداً، فسيرتهم مليئة بهجر أهل البدع، وإخزائهم، وإذلالهم.

فهذا ابن عمر رضي الله عنه حين سئل عن القدرية قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني. [رواه مسلم (8)]

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب. [الإبانة (2/ 438)]

وقال الإمام الأوزاعي: اتقوا الله معشر المسلمين، واقبلوا نصح الناصحين، وعظة الواعظين، واعلموا أن هذا العلم دين فانظروا ما تصنعون وعمن تأخذون وبمن تقتدون ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون أفّاكون آثمون لا يرعوون ولا ينظرون ولا يتقون. إلى أن قال: فكونوا لهم حذرين متهمين رافضين مجانبين، فإن علماءكم الأولين ومن صلح من المتأخرين كذلك كانوا يفعلون ويأمرون. [تاريخ دمشق (6/ 362)]

وقال الفضيل بن عياض (ت: 187): إن لله ملائكة يطلبون حلق الذكر، فانظر مع من يكون مجلسك، لا يكون مع صاحب بدعة؛ فإن الله تعالى لا ينظر إليهم، وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة، وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة. [حلية الأولياء (8/ 104)]

قلت: والفضيل بن عياض - رحمه الله - له كلام كثير نفيس في ذم أهل البدع والتحذير منهم، فمن ذلك:

قوله: لا تجلس مع صاحب بدعة، فإني أخاف أن تنزل عليك اللعنة.

وقال: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه.

وقال: آكل مع يهودي ونصراني ولا آكل مع مبتدع وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد. [الإبانة لابن بطة (2/ 460)]

قال رجل لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمة. قال: فرأيته يشير بيده ويقول: ولا نصف كلمة ولا نصف كلمة. [الإبانة (2/ 472)]

وعن ابن سيرين أنّه كان إذا سمع كلمة من صاحب بدعة وضع إصبعيه في أذنيه ثم قال: لا يحل لي أن أكلمه حتى يقوم من مجلسه. [الإبانة (2/ 473)]

وقال رجلاً لابن سيرين: إن فلاناً يريد أن يأتيك ولا يتكلم بشيء.

قال: قل لفلان: لا، ما يأتي، فإن قلب ابن آدم ضعيف، وإني أخاف أن أسمع من كلمة فلا يرجع قلبي إلى ما كان. [الإبانة (2/ 446)]

وقال معمر: كان ابن طاووس جالساً فجاء رجل من المعتزلة فجعل يتكلم، قال فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه، وقال لابنه: أي بني أدخل أصبعيك في أذنيك واشدد، ولا تسمع من كلامه شيئاً. [الإبانة (2/ 446)]

وقال يحيى بن أبي كثير: إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر. [الإبانة (2/ 475)]

وقال ابن المبارك: صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن ادّهن كل يوم ثلاثين مرة. [اللالكائي: 284]

قال: إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة. [السلسلة الصحيحة: 1620]

وقال الإمام أحمد: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة؛ فساق أهل السنة أولياء، وزهاد أهل البدعة أعداء الله. [طبقات الحنابلة (1/ 184)]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير