تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله رب العالمين الذي لا يبلغ وصف صفاته الواصفون ولا يدرك كنه عظمته المتفكرون ويقر بالعجز عن مبلغ قدرته المعتبرون الذي أحصى كل شي عددا وعلما ولا يحيط خلقه بشيء من علمه إلا بما شاء خضعت له الرقاب وتضعضعت له الصعاب أمره في كل ما أراد ماض وهو بكل ما شاء حاكم قاض إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون يقضي بالحق وهو خير الفاصلين ذو الرحمة والطول وذو القوة والحول الواحد الفرد له الملك وله الحمد ليس له ند ولا ضد ولا له شريك ولا شبيه جل عن التمثيل والتشبيه لا إله إلا هو إليه المصير وَأشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبُّ العَالَمينَ وإِلَه الْمُرسَلِينَ [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=59#_ftn1) . وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبدَهُ ورَسُولَهُ، الْمَبعوثَ رَحمَةً للعَالَمينَ، وَمَحَجَّةً للسَّالِكينَ، وحُجَّةً عَلَى جَميعِ الْمُكَلَّفينَ، فَرَّقَ اللهُ بِرِسالَتِهِ بَينَ: الهُدَى وَالضَّلالِ، والغَيِّ وَالرَّشادِ، وَالشَّكِّ وَاليَقينِ، فَهُوَ الْمِيزانُ الرَّاجِحُ الذي عَلَى أَقوالِهِ وَأَعمالِهِ وَأَخلاقِهِ تُوزَنُ الأَخلاقُ وَالأَعمالُ وَالأَقوالُ، وبِمُتابَعَتِهِ وَالاقِتِداءِ بِهِ تَمَيَّزَ أَهلُ الهُدَى مِن أَهلِ الضَّلالِ، أَرسَلَهُ عَلَى حينِ فَترَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، فَهَدَى بِهِ إِلَى أَقوَمِ الطُّرُقِ وَأَوضَحِ السُّبُلِ، وَافتَرَضَ عَلَى العِبادِ: طاعَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وتَعزيرَهُ وَتَوقيرَهُ وَالقِيامَ بِحُقوقِهِ، وَأَغلَقَ دُونَ جَنَّتِهِ الأَبوابَ، وَسَدَّ إِلَيهَا الطُّرُقَ فَلَمْ يُفتَحْ إِلاَّ مِن طَريِقِهِ، فَشَرحَ لَهُ صَدرَهُ وَرَفَعَ لهُ ذِكرَهُ وَوَضَعَ عنهُ وِزرَهُ، وَجَعَل الذِّلََّةَ وَالصَّغارَ عَلَى مَنْ خالَفَ أَمرَهُ، هَدَى بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وَعَلَّمَ بِهِ مِنَ الجَهالَةِ، وأرشَدَ بِهِ مِنَ الغَيِّ. وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُناً عُمْياً، وَآذانٌ صُمّاً، وَقُلُوباً غُلْفاً. فَبَلَّغَ الرِّسالَةَ وَأَدَّى الأَمانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَجاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهادِ. لا يَرُدُّ عَنهُ رادٌّ وَلا يَصُدُّهُ عَنهُ صَادٌّ، حتَّى سارَت دَعوَتُهُ مَسِيرَ الشَّمسِ فِي الأَقطارِ، وَبَلَغَ دِينَهُ ما بَلَغَ الليلُ وَالنَّهارُ. فَصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبينَ: صَلاةً دائِمَةً عَلَى تَعاقُبِ الأَوقاتِ وَالسِّنينَ، وسَلِّن تَسليماً كَثيراً.

أَمَّا بَعدُ: فَإنَّ أَولَى ما صُرِفَت إِلَيهِ العِنايَةُ، وَجَرَى الْمُتَسابِقونَ فِي مَيدانِهِ إِلَى أَفضَلِ غايَةٍ، وَتنافَسَ فيهِ الْمُتَنافِسُونَ، وَشَمَّرَ إِليهِ العَامِلُونَ: العِلمَ الْمَورُوثُ عَن خاتَمِ الْمُرسَلينَ، وَرَسُولِ رَبِّ العَالَمينَ، الذي لا نَجاةَ لأَحَدٍ إِلاَّ بِهِ، ولا فَلاحَ لَهُ فِي دِرايَةٍ إِلاَّ بِالتَّعَلُّقِ بِسَبَبِهِ، الذي مَن ظَفُرَ بِهِ فَقَد فازَ وَغَنِمَ، ومَن صُرِفَ عَنهُ فَقَد خَسِرَ وحُرِمَ؛ لأَنَّهُ قُطبَ السَّعادَةِ الذي مَدارُها عَلَيهِ، وَآخِيَةُ الإِيمانِ الذي مَرجِعُهُ إِلَيهِ، فَالوُصولُ إِلَى اللهِ وَإلَى رِضوانِهِ بُونِهِ مُحالٌ، وَطَلَبُ الهُدَى مِن غَيرِهِ هُوَ عَينُ الضَّلالِ، وَكَيفَ يُوصَلُ إلَى اللهِ مِن غَيرِ الطَّريقِ التي جَعَلَها هُو سُبحانَهُ مُوصِلَةً إِلَيهِ، وَدالَّةً لِمَن سَلَكَ فِيهَا عَليهِ، بَعَثَ رَسُولَهُ بِها مُنادِياً، وَأَقامَهُ عَلَى أَعلامِها دَاعِياً، وَإِلَيها هادِياً، فَالبابُ عَن السَّالِكِ فِي غَيرِها مَسْدُودٌ، وهُوَ عَن طريقِ هُداهُ وَسَعادَتِهِ مَصدودٌ، بَل كُلَّما ازدادَ كَدَحاً وَاجتِهاداً: اِزدادَ مِنَ اللهِ طَرداً وَإبعاداً. ذلكَ بِأنَّهُ صَدََ عَن الصِّراطَ المُستَقيمَ، وَأعرضَ عَن الْمَنهَجَ القَويمَ، ووَقَفَ مَعَ آراءِ الرِّجالِ، وَرَضِيَ لِنَفسِهِ بِكَثرَةِ القيلَ وَالقالِ، وَأُخلِدَ إِلَى أَرضِ التَّقليدِ، وَقَنِعَ أَن يَكونَ عِيالاً عَلَى أَمثالِهِ مِنَ العَبيدِ، لَم يَسلُك مِن سُبُلِ العِلمِ مَناهِجَها، ولَم يَرتَقِ فِي دَرجاتِهِ مَعارِجَها، وَلا تَأَلَّقَت في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير