وقد قام الذهبي في أول عنايته بطلب الحديث بتخليص مجموعة من الكتب كان "المستدرك" واحداً منها. ثم جرت عادة علماء العصر من المعنيين بالحديث النبوي الشريف وتخريجه والحكم عليه قولهم: "صحة الحاكم ووافقه الذهبي"، وهم يشيرون بذلك إلى تلخيص الذهبي لمستدرك الحاكم المطبوع بهامشة.
وهذا عندنا وهم كبير يتعين التنبيه إليه لا ندري من أين جاء ولا كيف بدأ، فالذهبي رحمه الله لخص الكتاب ولم يكن من وكده الكلام على أحاديثه تصحيحاً وتضعيفاً، وإنما تكلم على بعض أغلاط الحاكم الكثيرة الفاحشة في هذا الكتاب فذكرها في أثناء الاختصار على عادته عند اختصار أي كتاب، تدل على ذلك ثلاثة أمور:
الأول: قوله في سير أعلام النبلاء: "فهو كتاب مفيد قد اختصرته ويعوز علاً وتحريراً" ()، فهذه العبارة من أوضح دليل على أنه اختصر الكتاب ولم يحرر أحكامه، وإلا فما معنى قوله: "ويعوز عملاً وتحريراً"؟
الثاني: أن الذهبي كان ينص في كتبه الأخرى على مخالفه لأحكام الحاكم في "المستدرك"، في حين كان يردد عبارته في "المستدرك"، أو يسكت، فمن ذلك مثلاً قوله في معاوية بن صالح من "الميزان": "وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري، وترى الحاكم يروي في مستدركه أحاديثه ويقول: هذا على شرط البخاري، فيهم في ذلك يكرره " ()، وحين جاءت مثل هذه العبارة عند الحاكم لم يعترض الذهبي عليه ()، ومن يوازن بين الأحكام في مختصر المتسدرك –التي هي أحكام الحاكم – وبين أحاكم الذهبي في كتبه الأخرى – يجد اختلافاً كبيراً.
الثالث: أن قول الذهبي في تلخيصه "على شرط خ" أو "على شرط م" أو "صحيح" إنما هو قول الحاكم، وليس قوله، ومن ثم لا يجوز نسبة هذا الأمر إليه.
إجازة:
وإن من نعم الله علي وعميم إحسانه إلى أن أجازني برواية هذا الكتابالمبارك وغيره من كتب السنة النبوية المصطفوية عدد مشايخي العلماء الأعلام، منهم: شيخنا الإمام العلامة الكبير محدث القارة الهندية غير مدافع الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي – يرحمه الله تعالى – وشيخنا الإمام بلاهور من بلاد باكستان، كان، وأخذنا بعضه عنه عرضاً بمدينة لاهور بقراءة شيخنا وصديقنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبي غد وبعضه بقراءتي، ثم أجازنا هو الشيخ العلامة عبد الفتاح بجميع ما تجوز لهما روايته – رحمهما الله تعالى وجزاهما خير ما يجازي عباده الصالحجين – ومنهم: شيخنا بديع الدين شاه الراشدي المكي نزيل باكستان، وغيرهم.
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[03 - 05 - 03, 07:35 م]ـ
النكت الجياد
المنتخبة من كلام شيخ النقاد
ذهبي العصر العلامة: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
1312هـ - 1386هـ
القسم الأول " تراجم الرجال "
أعده وعلق عليه
أبو أنس إبراهيم بن سعيد الصبيحي
قال أبو أنس إبراهيم بن سعيد الصبيحي في مقدمة كتابه (النكت الجياد):
أصول السلف
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد في تعظيم قدر أئمة النقد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران آية: 102]، {يا أيها النسا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساؤلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} [النساء آية: 1]، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزراً عظيماً} [الأحزاب آية: 70، 71].
أما بعد:
فإن الله تعالى قد أحكم كتابه ,تكفل بحفظه، فامتلأت به الصدور قبل أن يدون في السطور، لا يسقط منه حرف، ولا يختلف فيه على شيء، يقرأ غضاً طريا، فلا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
وإن الله تعالى قد أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بسنة ماضية، وهدي يقتدي به، وأمرنا الله بالتمسك بسنته واتباع هديه، وكل ما جاء به، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل 44].
¥