والثاني: ما رواه الروياني في " مسنده " (2/ 311رقم 1268) نا علي بن زيد الفرائضي، نا علي بن صدقة: حدثني محمد بن حمير، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة الباهلي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة ثلاث مرار، لم يكن بينه وبين الجنة إلا الموت)، بزيادة: (ثلاث مرار).
قلت: وهذه زيادة شاذة، أو منكرة؛ تفرد بها علي بن صدقة.
قال عنه الحافظ في " اللسان " (4/ 235 رقم 634):
" يغرب، من ثقات ابن حبان "
قلت: ابن حبان لم يوثقه، وإنما ذكره في الثقات (8/ 471 رقم 14481)، وقال فيه: " يغرب ". وشتان ما بين الأمرين!.
والراوي عن علي بن صدقة، وهو علي بن زيد الفرائضي، قال فيه ابن يونس: تكلموا فيه، و قال مسلمة بن قاسم: ثقة ()؛ فالله أعلم.
ومع تفرد علي بن صدقة بهذه اللفظة، فقد خالف الجماعة من أصحاب ابن حمير؛ إذ أطلقوا ترتب الجزاء على مطلق القراءة، ولو مرة واحدة، وقيدها ابن صدقة بثلاث، ولا شك أن هذه مخالفة شديدة، لا تحتمل من مثل علي بن صدقة، فهي جديرة بأن تكون منكرة، والله أعلم.
ثم رأيت السيوطي قد أسنده في "اللآلئ" (1/ 230) من طريق الدارقطني قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا هارون بن زياد [هكذا وأظن الصواب "بن داود" موافقة لباقي الروايات] النجار، وعلي بن صدقة الأنصاري قالا: حدثنا محمد بن حمير .. .. فذكره بلفظ الجماعة السابق ذكره؛ فظهر بهذه الطريق أن الآفة في هذه الزيادة ليست من علي بن صدقة، وإنما هي ممن دونه، وليس إلا علي بن زيد الفرائضي راوي الطريق المخالفة عنه، وقد قال فيه ابن يونس: " تكلموا فيه "، وإن كان مسلمة بن قاسم وثقه؛ فهو أولي بالوهم من جماهير الرواة الذين خالفهم، وبناءً عليه تكون هذه الزيادة على أقل الأحوال شاذة، إن لم تكن منكرة، والله أعلم.
فخلاصة الأمر: أن حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - حديث حسن بهذا الإسناد، والله تعالى أعلم.
(2) وأما حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-
فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 458رقم 2395) قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: حدثني القاسم بن غانم بن حمويه بن الحسن بن معاذ: ثنا أبوالعباس محمد بن إسحاق بن الصباح: ثنا أبي: ثنا محمد بن عمرو القرشي، عن نهشل بن سعيد الضبي، عن أبي إسحاق الهمداني، عن حبه العرني قال: سمعت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعواد المنبر يقول: (من قرأ آية الكرسي دبر كلِّ صلاة لم يمنعه من دخول الجنه إلا الموت، ومن قرأها حين يأخذ مضجعه؛ أمنه الله على داره، ودارجاره، ودويرات حوله)
وقال: " إسناده ضعيف ".
قلت: بل واهٍ جدا، في إسناده آفتان:
الأولى: نهشل بن سعيد الضبي ().
قال فيه أبو داود الطيالسي، وإسحاق بن راهويه: " كذاب ".
وقال الدوري، عن ابن معين: " ليس بشيء "، وقال مرة: " ليس بثقة ".
وقال البخاري: " أحاديثه منكرة ".
وقال أبو داود: " ليس بشيء ".
وقال أبو حاتم الرازي، والنسائي: "متروك".
وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات ما ليس في أحاديثهم، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب " ().
والثاني: حبة العرني، وهو ابن جوين العرني الكوفي: متفق على ضعفه، بل كذبه بعضهم ().
ولذا أودعه ابن الجوزي كتابه " الموضوعات "، وقال: " لا يصح؛ حبة ضعيف، ونهشل كذاب " ().
قال: الحافظ ابن حجر: " … لكن له شاهد صحيح عن أبي أمامة رواه النسائي … " ().
قلت: لكنه شاهد قاصر على الجملة الأولى منه، وتبقى الثانية " ومن قرأها حين … " بلا ما يشهد لها. والله تعالى أعلم.
(3) حديث المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه -
¥