ولذلك لخص الحافظ حاله في " التقريب " بقوله: "مقبول"، يعني عند المتابعة؛ وإلا فلين – كما هو اصطلاحه -.
وخلاصة الأمر: أن هذا الإسناد ضعيف، ولكن يعتبر بمثله في الشواهد، والله أعلم.
(5) وأما حديث ابن عباس – رضي الله عنه –
فأخرجه ابن النجار – كما في اللآلئ (1/ 233) – قال: أخبرني شهاب بن محمود المزكى، أنبأنا عبد الكريم بن محمد المروزي أنبأنا أبو نصر أحمد بن الحسن بن علي الطبري حدثنا أبو الرضى محمد بن علي النسفي حدثنا أبو نصر محمد بن الحسن بن تركان الخطيب حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن شبيب الكاغدي البلخي حدثنا أبو عبد الله طاهر بن محمد الفقيه حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمر البزار حدثنا عمر بن محمد البزار حدثنا عمر بن محمد بن بحير بن حازم الهمداني حدثنا عبد بن حميد حدثنا شبابة عن ورقاء بن عمر عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرا آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة أعطاه الله قلوب الشاكرين وأعمال الصديقين وثواب النبيين وبسط عليه الرحمة منه ولم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت فيدخلها)
قلت: وهذا منقطع؛ ورقاء بن عمر، أبو بشر اليشكري: صدوق صالح، ولكن لا تعرف له عن مجاهد رواية، بل إنه يروي التفسير عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد! ()، وقد رواه ابن النجار من طريق عبد بن حميد، ولم أقف عليه في "المنتخب من مسنده"، فلعله في أصل المسند؛ فإن كان فيه فَعِلَّتُهُ ما أسلفت، وإلا؛ فإن فيمن بين ابن النجار، وعبد بن حميد من لم أقف لهم على ترجمة.
(6) الصلصال بن الدلهمس – رضي الله عنه – ()
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان " (2/ 455رقم 2385)، قال:
" أخبرنا علي، عن أحمد بن عبيد: ثنا أبو عمارة المستملي: ثنا محمد بن الضوء - يعني ابن الصلصال بن الدلهمس -: ثنا أبي أن أباه حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر حديثاً، ثم قال: وبإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة؛لم يكن بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت، فإذا مات دخل الجنة)، أبو عمارة المستملي أظنه أحمد بن زيد المهدي ".
قلت: وهذا إسناد ساقط بمرة، آفته: محمد بن الضوء هذا
قال فيه ابن حبان في "المجروحين " (2/ 310/1019):
" يروي عن أبيه المناكير، لا يجوز الاحتجاج به ".
وقال في " الثقات" (4/ 391/3510) في ترجمة أبيه (الضوء):
" يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه ".
وترجم له الخطيب في " تاريخ بغداد " (5/ 374/2900) ترجمة مظلمة، ومما قال فيها: " .. ليس بمحل أن يؤخذ عنه العلم؛ لأنه كذاب، كان أحد المتهتكين المشتهرين بشرب الخمور، والمجاهرة بالفجور .. "
وقال ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين " (3/ 72/3045): " كان كذابا مجاهرا بالفسق .. "، وانظر "الميزان" (6/ 192/7713)، و" لسانه" (5/ 206/722).
قلت: وهذا الطريق مما لا يعتبر به، ولا يستشهد، لما سبق.
وبناءً على ما سبق؛ فإذا جمعنا طريق أبي أمامة الباهلي، الحسن الإسناد إلى طريق المغيرة بن شعبة، وطريق ابن مسعود، وطريق ابن عباس، وهي مما يستشهد به، ارتقى الحديث – ولا شك – إلى الصحيح لغيره، وأما طريق علي، والصلصال؛ فلا يعتبر بهما، إذ هما شديدا الضعف، بل في إسناد كل منهما كذاب، والله أعلم.
وأما الطرق الأربعة الباقية، فهي عندي مسودة، ولا أجد الآن متسعا لتبييضها.
وهذا آخر ما من به المنان من الكلام على طرق هذا الحديث الجليل، وقد بذلت فيه الوسع، مع الضعف في كل شيء، فإن أصبت فمن الله، وإن كانت الأخرى فمني، ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء
وفي الختام: أسأل الله المبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها، المديمها علينا مع تقصيرنا في الإتيان على ما وجب به من شكره بها، الجاعلنا في خير أمة أخرجت للناس: أن يرزقنا فهما في كتابه، ثم سنة نبيه، قولا وعملا يؤدي به عنا حقه، ويوجب لنا نافلة مزيده، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين.
الهوامش على ترتيبها في البحث ولا أدري ما الذي أسقطها من إطار النص:
¥