تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رمز الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى إلى حديث أبي هريرة بالصحة فتعقبه الشارح المناوي في " فيض القدير " (1/ 373): " رمز المؤلف لصحته اغتراراً بقول بعضهم: سند جيد! وكأنه لم يطلع على قول ابن القيم: " وقع فيه قلب من بعض الرواة فإن أوله يخالف آخره. فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، إذ هو يضع يديه أولاً! وزعم أن ركبتي البعير في يديه لا في رجليه كلام لا يعقل لغة ولا عرفاً! على أن الحديث معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل ولا يحتج به. قال النسائي: " متروك " وقال ابن حبان: " منكر الحديث جداً " وأعله البخاري والترمذي والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن حسن وغيره " اهـ.

قلت: يرحم الله المناوي فإنه قد اختلطت عليه الأحاديث. فالقول بأن حديث أبي هريرة والذي هو حجتنا في هذا الباب معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل وهو واهٍ زعم خاطىء بل هو راوي حديث: " كنا نضع اليدين قبل الركبتين .. الخ " وقد تقدم الكلام عليه والحمد لله تعالى. أما بقية ما ذكره فقد تقدم الجواب عنه. والله المستعان.

الثالث:

قال الشيخ علي القاري في " مرقاة المفاتيح " (1/ 552) نقلاً عن ابن حجر الهيثمي الفقيه أن لحديث وائل طريقين آخرين يجبر بهما " فتعقبه شيخنا الألباني في " تحقيق المشكاة " (1/ 282) بقوله: " ولا تغتر بما حكاه الشيخ القاري عن ابن حجر الفقيه أن له طريقين آخرين فإنه من أوهامه ".

قلت: لعل ابن حجر يقصد بقوله أن له شاهدين. فإن كان ذلك فالتعبير بـ " طريقين " بدل " شاهدين " ليس مشهوراً، وإن كان سائغاً. وإن قصد أن له طريقين فالأمر كما قال شيخنا والله أعلم.

الرابع:

قال الشوكاني في " نيل الأوطار " (2/ 284): " وقد حاول المحقق المقبلي الجمع بين الأحاديث بما حاصله أن من قدم يديه أو ركبتيه وأفرط في ذلك بمباعدة سائر أطرافه وقع في الهيئة المنكرة. ومن قارب بين أطرافه لم يقع فيها سواء قدم يديه أو ركبتيه.! وهو مع كونه جمعاً ـ لم يسبقه إليه أحد ـ تعطيل لمعاني الأحاديث وإخراج لها عن ظاهرها ومصير إلى ما لم يدل عليه دليل " اهـ وصدق يرحمه الله تعالى.

الخامس

: يذهب ابن حزم إلى وجوب وضع الساجد يديه قبل ركبتيه. فقال في " المحلى " (4/ 129): " وفرض على كل مصلٍ أن يضع إذا سجد يديه على الأرض قبل ركبتيه ولا بد " اهـ

. السادس:

حكى المروزي في " مسائله " بسند صحيح عن الأوزاعي أنه قال: " أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم ". ذكره شيخناـ الألباني ـ في " صفة الصلاة " (ص 83). وذكره الحازمي في " الاعتبار " عن الأوزاعي. وفي " عون المعبود " (3/ 71): " وقال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث " وقال الحافظ ابن سيد الناس: " أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح. . . قال: وينبغي أن يكون حديث أبي هريرة داخلاً في الحسن على رسم الترمذي لسلامة رواته من الجرح " اهـ.

السابع:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى " (22/ 449): " أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء. إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه، وإن شاء وضع يديه قبل ركبتيه، وصلاته صحيحة باتفاق العلماء ولكن تنازعوا في الأفضل " اهـ.

قلت: ثم ساق شيخ الإسلام الرأيين السابقين ولم يرجح واحداً منهما. وقد علمت أن الراجح هو النزول باليدين، فيكون هو الأفضل بلا ريب. وهذا يرد على النووي رحمه الله قوله في " المجموع " (3/ 421)): " ولا يظهر ترجيح أحد المذهبين من حيث السنة "، وذلك أن الإمام رحمه الله لم ينشط لتحقيق المسألة، ولكنه اكتفى بنقل أدلة الفريقين، كما يومي قوله: " ولكني أذكر الأحاديث الواردة من الجانبين " مع أن مقتضى نقده يشير إلى تقوية النزول باليدين. والله أعلم، وأما الصلاة فصحيحة بكليهما كما أشار شيخ الإسلام رحمه الله فيما تقدم عنه. والله أعلم. والحمد لله أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً.

ـــــــــــــــ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير