لوفاة علي بن يوسف بن تاشفين سنة 537هـ أثر كبير في فت عضد دولته، حتى بعد تولي اسحق بن علي بن تاشفين السلطة بعد نزاع عليها مع ابن أخيه إبراهيم بن تاشفين، وتمكنت جيوش الموحدين من إسقاط مراكش سنة 541هـ، وكانت تلك نهاية دولة المرابطين وبداية دولة الموحدين ().
وفي عصر المرابطين الأنف ذكرهم كانت علاقة الود والوئام باقية بينهم وبين بني زيري بالمغرب الأدنى حفاظا على الصلات القبلية بينهما فكلاهما من قبيلة صنهاجة البربرية، ووقف المرابطون بجوار الزيريين ضد خطر النورمنديين.
أما بالنسبة لبني حماد وهم كذلك من صنهاجة فلم تكن العلاقات معهم ودية تماما، وإنما تخللها مناوشات كان العامل فيها ضعف بني حماد أمام أعراب بني هلال، الذين خربوا القيروان وقوضوا ملك بني زيري فأدى كفاح المرابطين من أجل السيطرة على المغرب الأوسط إلى اصطدامهم ببني حماد غير أن ذلك لم يصل إلى الصدام المسلح ().
وبعد أن أحكم عبد المؤمن الموحدي قبضته على المغرب الأقصى توجه إلى الشرق حيث توالت انتصاراته حتى وصل إلى طرابلس وبذلك نجح الموحدون في تحقيق وحدة سياسية للمغرب الإسلامي تدار شؤونها من عاصمة الخلافة مراكش، ولم ينس أيضا واجبه نحو الأندلس فجهز حملة كبيرة لدفع النصارى سنة 556هـ إلا أنه مرض مرضا أفضى إلى موته حال دون إتمام الحملة وذلك سنة 558هـ، وتولى خلفا له ابنه يوسف بن عبد المؤمن الذي تمكن من خمد ثورة ضده من الصناهجة، ثم والى الحملات على الأندلس حتى أصيب في أخراها وتوفي على إثر ذلك سنة 558هـ، وتولى بعده ابنه يعقوب بن يوسف الملقب بالمنصور وفيه بلغت دولة الموحدين أوج ازدهارها وقضى أيضا على بعض الثورات الداخلية، وحقق نصرا هائلا بالأندلس في معركة الأرك التي أوقفت زحف النصارى وزادت من هيبة الموحدين ومكانتهم، وفي سنة 595هـ أصيب المنصور بوعكة أدت إلى وفاته ().
ثم تولى بعده ابنه محمد بن يعقوب الملقب بالناصر الذي استطاع أيضا إخماد ثورة بني غانية بإفريقية، وولى عليها الشيخ أبا محمد عبدالواحد ابن أبي حفص الهنتاتي، وكان من أشياخ الموحدين وكانت ولايته بداية لقيام الدولة الحفصية بتونس بعد ضعف دولة الموحدين، بعد أن منيت بهزيمة قاسية في معركة العقاب سنة160هـ على أيدي النصارى راح ضحيتها الكثير من جند الموحدين وعجلت بسقوط الأندلس بعد ذلك في أيدي الفرنجة، وأصيب الناصر بالمرض وتوفي سنة 610هـ فتصارع أبناء عبدالمؤمن على السلطة وسرى الضعف في أرجاء الدولة حتى سقطت سنة 668هـ. وفي حين كانت دولة المرابطين تابعة للخلافة العباسية ببغداد اعتبر
الموحدون أنفسهم خلفاء وأن مركز الخلافة مراكش وليس بغداد ().
وفي تلك الحقبة ازدهرت الحياة الاقتصادية ازدهارا بالغا، وتنوعت مصادر الدخل وشمل الازدهار الزراعة والصناعة والتجارة ()، واتجهت الدولة للبناء والتعمير فأسست المدن ومن أهمها مراكش التي أسسها المرابطون كما تقدم ومدينة تلمسان ومدينة تاودا ومدينة رباط الفتح المعروفة الآن بالرباط، والتي قام بتأسيسها الموحدون كما أسست المنشآت العسكرية والمنشآت العامة كالمساجد والمدارس وغيرها ().
وأما الناحية العلمية فكانت في أوج ازدهارها، وكرم طبقة طلاب العلم تكريما يفوق الوصف خاصة في دولة الموحدين، أما طبقة الفقهاء والعلماء والقضاة فاحتلت منزلة رفيعة في المجتمع المغربي منذ قيام دولة المرابطين، وظهر لهم نفوذ في مجريات الأمور وخاصة في دولة المرابطين ويرجع السبب في ذلك إلى أن الدولتين قامتا على أساس ديني ودعوة إصلاحية، وتحقق لهم في ظل الدولتين مستوى مادي رفيع جدا كان له أبلغ الأثر على إثراء الانتاج العلمي في شتى مجالاته وفي مقدمتها مجال التفسير حيث زاد الاقبال على دراسة القرآن الكريم، باعتباره مصدر التشريع الأول في الدولتين وممن اشتهر من العلماء في تلك الحقبة أبو الحسن علي بن محمد الغرناطي المفسر نزيل مراكش، وكان عالما زاهدا يجتمع إليه الناس فيفسر لهم القرآن من أوله إلى آخره ()، وأبو بكر محمد بن علي المعافري السبتي عرف بابن الجوزي، وله تفسير في القرآن ()، وعبدالجليل بن موسى الأنصاري الأوسي ت608هـ وله تفسير القرآن ()،ومن التفاسير التي اعتنى بها المغاربة في تلك الفترة:
كتاب الوجيز لعبد الحق بن عطية ت541هـ ().
وكان من شيوخ المرابطين الشيخ أبو محمد يرزجان بن محمد الجزولي الضرير الذي قدم مراكش، وكان عالما فاضلا بصيرا بمذهب مالك صحب الإمام أبا بكر بن العربي صاحب أحكام القرآن ().
وقد أرسل أبو بكر بن العربي رسالة إلى الخليفة المستظهر العباسي يزكي فيها الأمير يوسف بن تاشفين عنده ().
وأما علم الحديث فنال عناية فائقة لاسيما في عصر الموحدين فبعد أن كان التركيز في عهد المرابطين على الموطأ أصبح الاهتمام بالحديث عموما السمة السائدة في عصر الموحدين، واهتم به الخلفاء اهتماما كبيرا، وكان بعضهم يقوم بإملاء الأحاديث بنفسه، وانتشرت المؤلفات فيه في ذلك العصر، كما اعتبر عهد الموحدين عهد إحياء الاجتهاد ().
مرفق1 - الملف الكامل لحالة الاجتماعية والعلمية لمنطقة المغرب العربي من الناحية التاريخية.
بداية من الفتح الاسلامي الي عهد الاحتلال الفرنسي للمنطقة ارجو من جميع الاخوة تحميلة حيث انة بحث مهم جدا
2 - ملف البحث ابن قطان من خلال الوهم والايهام
(لمن اراد التوسع فعلية بكتاب العلامة المحدث ابراهيم بن محمد صديق رحمة الله كتاب علم علل الحديث من خلال كتاب بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام لأبي الحسن بن القطان الفاسي في جزأين.)
¥