تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تخريج حديث «إني تاركٌ فيكم ثَقَلَين» رواية ودراية

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[01 - 05 - 02, 05:31 ص]ـ

أخرج الإمام أحمد في مسنده: قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أبي حيان التيمي (ثقة متفق عليه) قال حدثني يزيد بن حيان التيمي (مُوثّقٌ فيه جهالة) قال:

انطلقت أنا و حُصَيْنُ بن سَبْرَةَ وعمر بن مسلم إلى زيد بن أَرْقَمَ. فلما جلسنا إليه، قال له حُصين: «لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً. رأيتَ رسول الله ? وسمعت حديثه وغَزَوت معه وصليت معه. لقد رأيت يا زيد خيراً كثيراً. حدِّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ?». فقال: «يا ابن أخي. والله لقد كَبُرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عهدي، ونسيتُ بعض الذي كنت أعي من رسول الله ?. فما حدثتكم فاقبلوه. وما لا، فلا تُكَلِّفُونِيهِ». ثم قال: قام رسول الله ? يوماً خطيباً فينا بماءٍ يُدعى خُمًّا بين مكة والمدينة. فحمِد الله تعالى وأثنى عليه، ووعظ وذَكَّرَ. ثم قال: «أما بعد. ألا يا أيها الناس إنما أنا بَشَرٌ يوشك أن يأتيني رسول ربي –عز وجل– فأُجيب. وإني تاركٌ فيكم ثَقَلَين. أولهما: كتاب الله –عز وجل– فيه الهدى والنور. فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به». فَحَثَّ على كتاب الله ورَغَّبَ فيه. قال: «وأهلُ بيتي. أُذَكِّرُكُمْ اللهَ في أهلِ بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي». فقال له حصين: «ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نِساؤهُ من أهل بيته؟». قال: «إن نساءَهُ من أهل بيته. ولكنّ أهلَ بيته مَن حُرِمَ الصدقة بعدَه». قال: «ومن هم؟». قال: «هم آل علي، وآل عَقِيل، وآل جعفر، وآل عباس». قال: «أَكُلُّ هؤلاء حُرِمَ الصدقة؟». قال: «نعم».

وهذا الحديث: «مما انفرد به مسلم ولم يروه البخاري»، كما أشار شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية (7\ 318). قلت: وفيه ضعفٌ من جهتين: أولاهما أن يزيد بن حيان مجهولٌ لم يوثقه أحدٌ قبل مسلم. وإنما وثقه النسائي فيما بعد، على عادته في توثيق مجاهيل التابعين. وليس لنا إلا حسن الظن بيزيد هذا. والجهة الثانية هي أن زيد بن أرقم ? قد نص في ذلك الحديث أنه قد ضعُف حِفظه بسبب كِبَرِ سنه. وأنه نسي بعض الحديث الذي سمعه. والصحابة عدولٌ كلهم بلا ريب، وخاصة زيد هذا لما عُرفَ عنه صدقه. ولكن الصحابي غير معصومٍ عن الغلط والنسيان. فلهذا لم يخرجه البخاري في صحيحه. ولكن الحديث الذي يُروى وليس فيه تشريعٌ ولا فيه نكارة، وقد صححه البعض ولم يطعن أحدٌ برواته، فهذا عندنا مقبول. والله أعلم.

قال شيخ الإسلام منهاج السنة النبوية (7\ 318): «والحديث الذي في مسلم –إذا كان النبي ? قد قاله– فليس فيه إلا الوصية باتباع كتاب الله. وهذا أمرٌ قد تقدمت الوصية به في حجة الوداع قبل ذلك. وهو لم يأمر باتباع العترة، لكن قال "أذكّركم الله في أهل بيتي". وتذكير الأمة بهم يقتضي أن يذكروا ما تقدم الأمر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم والامتناع من ظلمهم. وهذا أمر قد تقدم بيانه قبل غدير خم. فعلم أنه لم يكن في غدير خم أمرٌ يشرع نزل إذ ذاك، لا في حق علي ولا غيره، لا إمامته ولا غيرها».

وأما قول زيد ? «أهل بيته مَن حُرِمَ الصدقة بعدَه»، فهذا اجتهادٌ محضٌ منه غير ملزمٍ لنا. قال الإمام ابن حزم الأندلسي في الإحكام (1\ 79): «والتقليد باطل. فوجب طلب مَن هُم أهل بيته –عليه السلام– في الكتاب والسنة. فوجدنا الله تعالى قال: ? يا نساء النبي لستنّ كأحدٍ من النساء. إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض. وقلن قولاً معروفاً. وقَرنَ في بيوتكن، ولا تبرّجن تبرج الجاهلية الأُولى. وأقِمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تظهيراً. واذكرن ما يُتلى في بيوتكنّ من آيات الله والحكمة. إن الله كان لطيفاً خبيراً ?. قال علي: فرفعت هذه الآية الشك، وبيّنت أن أهل بيته –عليه السلام– هنّ نساؤه فقط. وأما بنو هاشم فإنهم آل محمد وذو القربى بنصّ القرآن والسنة. فهم في قِسمة الخمس وتحريم الصدقة».

بقيت قضية اختلافٍ وقد في مقولة زيدٍ ? في بعض ألفاظ الحديث:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير