[بيان افتراء بعض الكذبة لحديث: "من تهاون بالصلاة عوقب بخمس عشرة خصلة]
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[05 - 05 - 02, 01:45 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن أمر الصلاة عظيم، وشأنها جسيم، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وعمود الإسلام، وهي العهد الذين بين أهل الإسلام وأهل الشرك والكفران.
وهي الفاصل والفيصل بين الرجل وبين الشرك والكفر، وهي أول ما يحاسب به العبد؛ فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل.
وقد توعد الله تاركيها بالعذاب والنكال.
قال تعالى: {كل امرئ بما كسب رهين*إلا أصحاب اليمين* في جنات يتساءلون*عن المجرمين*ما سلككم في سقر*قالوا لم نك من المصلين* ولم نك نطعم المسكين*وكنا نخوض مع الخائضين* وكنا نكذب بيوم الدين*حتى أتانا اليقين* فما تنفعهم شفاعة الشافعين}.
وتوعد الله الساهين عن الصلاة المؤخرين لها فقال: {فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون}.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر: ترك الصلاة)).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ولا خير في دين لا ركوع فيه)) وهو حديث صحيح على الصحيح.
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: من لم يصل فلا دين له.
وقال عمر -رضي الله عنه-: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
وغير ذلك من الآيات والأحاديث والآثار في التحذير من ترك الصلاة والترهيب من التقصير فيها.
إذا علم ذلك فلا حاجة لنا بالأحاديث المكذوبة والموضوعة للترهيب من ترك الصلاة لما لنا في الصحيح من غنية ولما في نسبة الكذب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من التهديد والوعيد.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)).
هذا وقد انتشر حديث بين الناس في فضل المحافظة على الصلاة والترهيب من تركها وهو حديث مكذوب موضوع.
########## لفظ الحديث الموضوع##########
((من حافظ على الصلوات المكتوبة أكرمه الله تعالى بخمس كرامات:
يرفع عنه ضيق العيش، ويرفع عنه عذاب القبر، ويعطيه كتابه بيمينه، ويمر على الصراط كالبرق الخاطف، ويدخل الجنة بغير حساب.
ومن تهاون بها عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة؛ ستة في الدنيا، وثلاث عند الموت، وثلاث في القبر، وثلاث عند خروجه من القبر.
فأما اللاتي في الدنيا: فالأولى يرفع الله البركة من رزقه، والثانية: ينزع البركة من عمره، والثالثة: يمحي سيماء الصالحين من وجهه، والرابعة: كل عمل يعمله لا يأجره الله عليه، والخامسة: لا يرفع له دعاء إلى السماء، والسادسة: ليس له حظ في دعاء الصالحين.
وأما اللاتي تصيبه عند الموت: فإنه يموت ذليلا (وفي رواية موضوعة: يشتد نزعه)، والثانية: يموت جائعا، والثالثة: يموت عطشانا، ولو سقي بحار الدنيا ما روي من عطشه.
وأما اللاتي تصيبه في قبره: فالأولى: يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، والثانية: يوقد عليه القبر نارا يتقلب على الجمر ليلا ونهارا، والثالثة: يسلط عليه في قبره ثعبان اسمه الشجاع الأقرع عيناه من نار وأظفاره من حديد طول كل ظفر مسيرة يوم، يكلم الميت فيقول: أنا الشجاع الأقرع، وصوته مثل الرعد القاصف يقول: أمرني ربي أن أضربك على تضييع صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، وأضربك على تضييع صلاة الظهر إلى العصر، وأضربك على تضييع صلاة العصر إلى المغرب، وأضربك على تضييع صلاة المغرب إلى العشاء، وأضربك على تضييع صلاة العشاء إلى الصبح، فكلما ضربه ضربة يغوص في الأرض سبعين ذراعا، فلا يزال في الأرض معذبا إلى يوم القيامة.
وأما اللاتي تصيبه عند خروجه من قبره في موقف القيامة: فأولها: يوكل الله به ملكاً يسحبه على حر وجهه في عرصات القيامة، والثانية: يحاسب حسابا طويلاً، والثالثة: لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم ثم تلا النبي -صلى الله عليه وسلم-: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً إلا من تاب}.)).
وفي رواية: (فإنه يأتي يوم القيامة وعلى وجهه ثلاثة أسطر مكتوبات:
السطر الأول:يا مضيع حق الله. السطر الثاني: يا مخصوصا بغضب الله. السطر الثالث: كما ضيعت في الدنيا حق الله فآيس اليوم من رحمة الله.).
########### تخريجه والحكم عليه##########
هو حديث موضوع مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال وحكم بأنه باطل مركب -يعني موضوع- وأقره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (6/ 368 - 369) وقال: [وهو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية].
يعني أنه من وضع بعض الصوفية.
وذكره السيوطي في "ذيل الموضوعات لابن الجوزي وكذلك ابن عراق في تنزيه الشريعة (2/ 113 - 114) وقال: [رواه ابن النجار من حديث أبي هريرة قال في الميزان: حديث باطل ركبه محمد بن علي بن العباس على أبي بكر بن زياد النيسابوري وقال في اللسان هو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية].
والحديث ذكره أبو الليث السمرقندي في كتابه "تنبيه الغافلين" (ص/212 - 213) بصيغة التمريض فقال: [ويقال من داوم على الصلوات الخمس في الجماعة أعطاه الله خمس خصال ثم ذكره بنحوه ولكنه جعلها ثنتي عشرة خصلة بدلا من خمسة عشر خصلة]
وهذا الحديث دسه بعض الصوفية في كتاب الكبائر للذهبي.
وتنبه إلى أن كتاب الكبائر قد طبع مختصرا ومطولاً.
فالمختصر هو تأليف الذهبي وأول من حققه فيما أعلم محيي الدين مستو ثم حققه مشهور حسن سلمان.
والمطول المليء بالأحاديث الموضوعة والقصص والحكايات فهو مدسوس على الذهبي.
####والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.####
####كتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي الفلسطيني####
¥