تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سبق بيانُ أنّ أحدَ طرق حديث مكحول ترجع إلى أنه من حديثه عن كثير بن مُرّة فهل نعود إلى أن حديث ابن لهيعة يعود إلى حديث مكحول أيضاً؟! (وانظر السلسلة الصحيحة 3/ 137 - 138) هذا مع ما في حديث أبي موسى وعوف بن مالك من العلل الأخرى الإسنادية سوى اضطرابه المشار إليه.

وبهذا كله يتضح أنّ هذه الطرق شديدة الضعف غير صالحةٍ للتقوَّي.

رابعاً: حديث أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " ينزل الله – عز وجل – ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا الإنسان في قلبه شحناء، أو مشرك بالله " أخرجه البزار (1/ 157 - 158، 206 - 207 ورقم 80)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 325 - 327 رقم 200)، من طريق ضعّفها جمعٌ من أهل العلم، منهم البخاري، وأبو حاتم الرازي، والعقيلي، وابن عدي، والبزار، وغيرهم – انظر التاريخ الكبير للبخاري (5/ 424 - 425) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 306 - 307) والضعفاء للعقيلي (3/ 788 - 789)، والكامل لابن عدي (5/ 309).

ولا يظنّنّ أحدٌ أن ابن خزيمة قد صححه بإخراجه في (التوحيد) الذي اشترط فيه الصحة، فإن ابن خزيمة قد أشار إلى ضعفه بتعليقه الإسناد أوّلاً ثم بتأخير ذكر إسناده عقب إيراده للمتن، وهذا اصطلاحٌ له في كتابه الصحيح والتوحيد ذكره هو عن نفسه في التوحيد (2/ 637)، ونص عليه الحافظ ابن حجر في مواضع من إتحاف المهرة (2/ 365 رقم 1905) ومن بين أحكام العلماء على هذا الإسناد حُكْمُ ابن عدي عليه بأنه منكر، والمنكر من أقسام الحديث الشديد الضعف الذي لا يصلح للتَّقوَّي.

هذه أشهر أسانيد أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان الواردة في مشاهير كتب السنّة، ويبقى سواها أحاديث أخرى سبقت الإشارة إليها مقدمة هذا الجواب، وبالإطلاع عليها لم أجد فيها ما ينفع للتقوَّي فضْلاً عن أن يوجد إسناد مقبول أو خفيف الضعف، فهي بين إسناد منكر تفرد به ضعيف، وإسناد شديد الضعف فيه متهم، وحديث موضوع مختلق، لذلك فالراجح عندي أنه لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان حديث، ولم يُصب – عندي – من صحّحه بمجموع الطرق، فإن شرط التقوية ألا تكون الطرق أوهاماً أو مناكير أو بواطيل.

أما أحكام العلماء على أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان، فقد سبق ذكر أحكامهم على أفرادِها؛ ولكن سأذكر هنا مَنْ قَوَّى الحديث ومن ضعّفه على وجه العموم.

فممن قَوَّى الحديث: ابن حبان، والمنذري في الترغيب والترهيب، وللبيهقي كلامٌ ليس صريحاً في التصحيح، ذكره أبو شامة في الباعث (132)، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلامٌ يدل على تصحيح أو قبول ما ورد في فضائلها، وذكر أنه نصُّ الإمام أحمد وأكثر الحنابلة (اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 136 - 137، واختيارات البعلي 65) ولشيخ الإسلام كلامٌ آخر يدل على توقفه عن تصحيح حديثها (مجموع الفتاوى 3/ 388).

وصحح الحديث أخيراً: العلامة الألباني – رحمه الله – كما سبق.

أمّا الذين ضعفوا الحديث من جميع وجوهه، فسبق منهم الدارقطني والعقيلي في الضعفاء (ترجمة: عبدالملك بن عبدالملك 3/ 789)، وابن الجوزي كما في العلل المتناهية (رقم 915 - 924)، وأبو الخطاب ابن دحية (أداء ما وجب 80)، وأبو بكر ابن العربي (أحكام القرآن 4/ 1690) وأقره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (16/ 128).

بل قال أبو الخطاب ابن دحية: " قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح ". (الباعث لأبي شامة: 127).

وقال ابن رجب: " وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة، وقد اختُلف فيها، فضعّفها الأكثرون، وصحّح ابن حبان بعضها ". (لطائف المعارف: 261) بل صحّ عن جمع من السلف إنكار فضلها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير