تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: "افترقت بنو إسرائيلَ على إحدى وسبعين فرقةً - أو قالَ: اثنتين وسبعينَ فرقةً -، وتزيدُ هذه الأمَّةُ فرقةً واحدةً؛ كلها في النار؛ إلا السواد الأعظم"، فقال له رجلٌ: يا أبا أُمامة! مِن رأيك أو سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنِّي إذًا لجريءٌ؛ بل سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاث (12).

وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقتْ بنو إسرائيلَ على إحدى وسبعين ملَّةً، ولن تذهبَ الليالي والأيامُ حتى تفتَرِقَ أُمَّتي على مِثلها" (13).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ... يا ابن مسعود! هل علمتَ أنَّ بني إسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين فرقةً لم ينجُ منها إلا ثلاثُ فرق: فرقةٌ أقامت في الملوك والجبابرة، فدعت إلى دين عيسى، فأُخذَتْ، فقُتلَت بالمناشير، وحُرِّقت بالنيران، فصبرت حتى لحقت بالله، ثم قامت طائفةٌ أخرى لم تكن لهم قوة، ولم تطق القيام بالقسط، فلحقت بالجبال، فتعبَّدت وترهَّبت، وهم الذين ذكرهم الله فقال: (ورَهْبانيَّةً ابْتَدَعُوها مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ ... وكَثيرٌ مِنْهُم فاسِقونَ) (14)، وفرقةٌ منهم آمنت، فهُم الذين آمنوا وصدَّقوني، وهم الذين رعَوْها حقَّ رعايتِها، وكثيرٌ منهم فاسقون، وهم الذين لم يؤمنوا بي، ولم يصدِّقونى، ولم يرعَوْها حق رعايتها، وهم الذين فسَّقُهم الله" (15).

وعن أبي الدرداء وأبي أُمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... ذروا المِراء؛ فإن بني إسرائيل افتَرقوا على إحدى وسبعين فرقةً، والنَّصارى على ثنتين وسبعين فرقةً؛ كلُّهم في الضَّلالة إلا السواد الأعظم"، قالوا: يا رسول الله! ومَن السواد الأعظم؟ قال: "مَن كان على ما أنا عليه وأصحابي، مَن لم يمارِ في دين الله، ومَن لم يكفِّر أحدًا من أهل التوحيد بذنب غفر له" (16).

وعن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد عن أبيه عن جده؛ قال: كنا قعودًا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، فقال: "لَتَسْلُكُنَّ سَنَن مَن قبلكم حَذْوَ النَّعل بالنَّعل، ولَتَأْخُذُنَّ مثل أخذهم، إن شبرًا فشبر، وإن ذراعًا فذراع، وإن باعًا فباع، حتى لو دخلوا جُحر ضَبٍّ دَخَلْتُم فيه، ألا إن بني إسرائيل افترقت على موسى على إحدى وسبعين فرقةً؛ كلها ضالةٌ؛ إلا فرقةً واحدةً: الإسلام وجماعتُهم، وإنها افترقتْ على عيسى بن مريمَ على إحدى وسبعينَ فرقةً؛ كلها ضالة؛ إلا فرقةً واحدةً: الإسلام وجماعتُهم، ثم إنَّهم يكونون (17) على اثنتين وسبعين فرقة؛ كلها ضالة؛ إلا فرقة واحدة: الإسلام وجماعتهم" (18).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه دعا رأس الجالوت (19) وأسقُف النَّصارى (20)، فقال: إنِّي سائلِكُم عن أمر -وأنا أعلم به منكما-؛ فلا تكتماني، يا رأس الجالوت! أنشدتُك الله الذي أنزل التوراةَ على موسى، وأطعمكم المنَّ والسلوى، وضرب لكم في البحر طريقًا، وأخرج لكم من الحجر اثنتي عشرة عينًا، لكل سِبْط من بني إسرائيل عينٌ؛ إلا ما أخبرتَني: على كَم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ فقال له: ولا فرقة واحدة! فقال له عليٌّ -ثلاث مرار-: كذبتَ، والله الذي لا إله إلا هو؛ لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقةً؛ كلها في النار إلا فرقة.

ثم دعا الأسقف، فقال: أنشدك الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وجَعَل على رَحْلِه البركة، وأراكم العِبرة، فأبرأ الأكمه، وأحيى الموتى، وصنع لكم من الطين طيورًا، وأنبأكم بما تأكلون وما تدَّخرون في بيوتكُم، فقال: دون هذا أصدقك يا أمير المؤمنين. فقال: على كم افترقت النَّصارى بعد عيسى من فرقة؟ فقال: لا والله ولا فرقة. فقال -ثلاث مرار-: كذبتَ، والله الذي لا إله إلا هو؛ لقد افترقت على ثنتين وسبعين فرقةً؛ كلها في النار إلاَّ فرقةً.

فأما أنت -يا يهوديُّ-؛ فإن الله يقول: (وَمنْ قَوْم مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحَقِّ وَبه يَعْدلُونَ) (21)، فهي التي تنجو.

وأما أنت -يا نصرانيُّ-؛ فإن الله يقول: (منْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصدَةٌ وَكَثيرٌ منْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) (22)، فهي التي تنجو.

وأما نحن؛ فيقول: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (23)، وهي التى تنجو من هذه الأمة (24).

وعن عبد الله بن قيس رضي الله عنه قال: اجتمعَ عند عليٍّ رضي الله عنه جاثليتو (25) النصارى ورأس الجالوت.

فقال الرأس: تُجادلون على كم افترقت اليهود؟ قال: على إحدى وسبعين فرقة.

فقال علي رضي الله عنه: لتفترقَنَّ هذه الأمة على مثل ذلك، وأضلُّها فرقةً وشَرُّها: الدَّاعية إلينا -أهل البيت-، آية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما (26).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تفرَّقَت اليهود على واحدة وسبعين فرقةً؛ كلها في النار، وتفرَّقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقةً؛ كلها في النار، وإن أُمَّتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقةً؛ كلها في النار؛ إلا واحدة"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله! أخبرْنا مَن هُم؟ قال: "السواد الأعظم" (27).

هذه هي الأحاديث التي أمكن الوقوف عليها في خبر الاختلاف والفرقة الناجية، وهي خمسة عشر حديثًا.

وهذه الأحاديث عن هذا الجمع من الصحابة تَجْعَل من المُتَيَقَّن -عند مَن اطَّلع عليها وعلى طرقها- صدورَ هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه بيانُ حتميَّة افتراق الأمَّة، واختلافها هذا الاختلاف الواسع العريض؛ كما افترقت واختلفت الأمم الكتابية قبلها؛ بل أشدُّ من ذلك. وهذا تخويفٌ وتحذيرٌ لها من ذلك.

وأن هذه الفرق كلها مذمومة متوعَّدة بالنار؛ إلا فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية الغريبة بين هذه الأهواء المختلفة. وهذا تبشيرٌ وتبصيرٌ.

وفيه بيان أن الحق لا يزال الله يقيِّض له مَن يحمله، ويصبر عليه.

وفيه حثُّ للمسلم على معرفة سبيل الناجين، وسلوكها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير