تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال شيخ الإسلام: «وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله. وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، و أعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها. وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعاً لها تصديقاً وعملاً، وحباً وموالاة لمن والاها ومعاداةً لمن عاداها. الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم و جمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول. بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب و الحكمة (أي السنة) هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه. وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك، يردونه إلى الله ورسوله. ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف. فما كان من معانيها موافقاً للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفاً للكتاب والسنة أبطلوه. و لا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، فإن اتباع الظن جهلٌ. واتباع هوى النفس بغير هدى من الله، ظلمٌ. وجماع الشر: الجهل والظلم. قال الله تعالى] وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا [إلى آخر السورة».

ثم قال مستدركاً: «ومما ينبغي أيضاً أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات: منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة. ومنهم (الكلام هنا عن الأشاعرة) من يكون إنما خالف السنة في أمورٍ دقيقة، ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه، فيكون محموداً فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل. فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعةٍ أخف منها. ورد بالباطل باطلاً بباطلٍ أخف منه. وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة (أهل الكلام من أهل السنة و الجماعة هم الأشاعرة الذين ردوا على المعتزلة). ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين، يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ. والله –سبحانه وتعالى– يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك. ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها: لهم مقالات قالوها باجتهاد، وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة. بخلاف من والى موافقه، وعادى مخالفه، وفرّق بين جماعة المسلمين، وكفّر وفسّق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات».

قلت: فخلاصة الأمر أن الأشاعرة نوعان: من رد على الرافضة و المعتزلة لكنه لم يضلل متبعي مذهب السلف و هؤلاء من أهل السنة و الجماعة و إن كانوا على خطأ. وأمثال هؤلاء الكثير من فقهاء أهل السنة كالعز بن عبد السلام. و نوع ممن ضلل متبعي السلف و فرق جماعة المسلمين، فهؤلاء أهل بدعة و لا شك. ومثال على ذلك الكوثري الهالك [25].


[25] مثال ذلك قوله في كتابه "تبديد الظلام المخيم من نونية ابن القيم"، في وصف الإمام ابن القيم الجوزية: «ضالٌّ مضل زائغ مبتدع وقح كذاب حشوي بليد غبي جاهل مهاتر خارجي تيس حمار ملعون، من إخوان اليهود والنصارى، منحل من الدين والعقل. بلغ في الكفر مبلغاً لا يجوز السكوت عليه ... إلخ».

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 07 - 02, 09:02 ص]ـ
مناقشة تضعيف الشيخ للحديث

لقد قام الشيخ القرضاوي –هداه الله– في كتابه "الصحوة الإسلامية" بمحاولة للتشكيك بهذا الحديث العظيم القدر الذي يدعو المسلمين للوحدة في جماعة واحدة. وهو الحديث الذي تلقته الأمة على مر العصور بالقبول، واستشهد به العلماء في كتب العقائد والأحاديث. وبدأ بالطعن بحديث أبي هريرة بطعنه براويه محمد بن عمرو بن علقمة، فقال عنه: «ومن قرأ ترجمته في (تهذيب الكمال) للمزي وفي (تهذيب التهذيب) لابن حجر: عَلِمَ أن الرجل مُتَكلّمٌ فيه من قِبَلِ حِفظه، وأن أحدًا لم يوثقه بإطلاق، وكل ما ذكروه أنهم رجحوه على من هو أضعف منه؛ ولهذا لم يزد الحافظ في التقريب على أن قال: صدوق له أوهام. والصدق وحده في هذا المقام لا يكفي، ما لم ينضم إليه الضبط، فكيف إذا كان معه أوهام؟؟».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير