تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مالك ــ رضي الله عنه. ثم أخرجه من طريق يحيى بن يمان، عن ياسين الزيات، عن سعد بن سعيد، عن أنس ــ رضي الله عنه ــ ولفظه: «تفترق أمتي على سبعين أو إحدى وسبعين فرقة، كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة». قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: «الزنادقة، وهم القدرية». وقال: لا يرجح منه إلى صحة، ونقل الحديث لياسين بن معاذ، وليس له أصل عن يحيى وسعد ابني سعيد ...

قال ابن حجر: وقد رويناه في جزء الحسن بن عرفة، عن ياسين بن معاذ الزيات، عن يحيى بن سعيد. وله طريق أخرى عن ياسين فقال تارة عن: يحيى وسعيد. وتارة: عن سعد بن سعيد. وهذا اضطراب شديد سندا ومتنا. والمحفوظ في المتن: «تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة». قالوا: وما تلك الفرقة؟ قال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي». وهذا (يعني رواية: «كلهم في الجنة») من أمثلة مقلوب المتن، والله أعلم.

أقول: وهذا يعني أن مدار هذه الرواية على أبرد بن أشرس، وياسين الزيات. وهما معا متهمان: أبرد بن أشرس قال فيه ابن خزيمة: كذاب وضاع. وقال الأزدي: لا يصح حديثه. انظر ترجمته في الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ــ 1/ 62. وفي لسان الميزان لابن حجر ــ 1/ 128. وأما ياسين بن معاذ الزيات؛ فقال فيه الإمام البخاري في التاريخ الكبير ــ 8/ 429: يتكلمون فيه، منكر الحديث. وكذلك قال الإمام مسلم في الكنى والأسماء ــ 1/ 285. وقال ابن حبان في المجروحين ــ 3/ 142: يروي الموضوعات عن الثقات وينفرد بالمعضلات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال.

ومن ثَمَّ فتعدد طرق إسناد هذا اللفظ في حديث أنس لا يفيد بمثل هذين الراويين؛ فإنما يرفع الحديث إلى مرتبة الحسن لغيره إذا كان الضعف في الرواة من جهة الحفظ والضبط فقط، لا من ناحية تهمة الكذب؛ فإن كثرة الطرق لا تفيد شيئا إذ ذاك .. راجع هذه الفائدة في «مقالات الكوثري» في مقاله: حول حديثين ــ ص 39.

والإسناد الآخر مما ساقه الديلمي في مسند الفردوس من طريق أبي إسماعيل حفص الأيلي، عن مسعر بن كدام، لا تقوم به حجة، ولا يعول عليه في الاعتبار؛ فتهمة حفص الأيلي لا تتعلق بسوء الحفظ أو قلة الضبط أيضا؛ فهو متهم بالكذب والتلفيق ــ كما تقدم ــ والكاذب لا يجبر. وفوق ذلك ليس في لفظه «كلها في الجنة إلا فرقة»؛ بل يثبت لكل فرقة نصيبا من الهدى الذي تنال الجماعة أكثره؛ بلفظ «إني أعلم أهداها الجماعة» .. وانظر الموضوعات لابن الجوزي ــ 1/ 267، 268.

وقد سبق الكلام عما تفرد به عبد الله بن سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ «تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة». قالوا: وما هي تلك الفرقة؟ قال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي». وهذه الرواية ــ على ما فيها من نقد الطبراني (ت360هـ) والعقيلي (ت322هـ) والهيثمي (ت807هـ) ــ أقوى على التحقيق من رواية يذكر في إسنادها أبرد بن أشرس أو ياسين الزيات. ولقائل أن يقول: إنَّ ردَّ الحديث بسبب انفراد راو غير مجروح ــ مثل عبد الله بن سفيان ــ ليس من مذهب أهل السنة، ولا من أصول أهل الحق. كما قال الشيخ الكوثري في مقال له عن حديث معاذ بن جبل ــ رضي الله عنه ــ في اجتهاد الرأي .. انظر مقالات الكوثري ــ ص 61.

ولهذا فإن الشيخ محمد جعفر الكتاني في كتابه «نظم المتناثر من الحديث المتواتر» ــ ص 47 بعد أن أورد روايات الوجه الأول «كلها في النار إلا فرقة واحدة»، قال: «فهذا حديث كما ترى وارد من عدة طرق بألفاظ مختلفة، وله ألفا ظ أخر. وقد أخرجه الحاكم من عدة طرق، وقال: هذه أسانيد تقوم بها الحجة. وقال الزين العراقي: أسانيده جياد. وفي فيض القدير أن السيوطي عده من المتواتر، ولم أره في الأزهار. وفي شرح عقيدة السفاريني ما نصه: وأما الحديث الذي أخبر النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار؛ فروي من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقا ص، وابن عمر، وأبي الدرداء، ومعاوية، وابن عباس، وجابر، وأبي أمامة، وواثلة، وعوف بن مالك، وعمرو بن عوف المزني؛ فكل هؤلاء قالوا: «واحدة في الجنة وهي الجماعة». ولفظ حديث معاوية ما تقدم، فهو الذي ينبغي أن يُعوَّل عليه دون الحديث المكذوب على النبي ــ صلى الله عليه وسلم. انتهى. يريد به حديث العقيلي وابن عدي عن أنس «تفترق أمتي على سبعين أو إحدى وسبعين فرقة، كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة». قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: «الزنادقة وهم القدرية». وفي لفظ «تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا فرقة واحدة وهي الزنادقة». وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات في كتاب السنة، وتبعه في اللألئ، وقال ابن تيمية: لا أصل له؛ بل هو موضوع كذب باتفاق أهل العلم بالحديث».

ـ[عبدالناصرعبداللطيف]ــــــــ[04 - 12 - 07, 04:11 م]ـ

الحياء خير كله ولا يأتي الحياء إلا بخير

وضح لنا الخير الأخير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير