رواه باللفظ الأول مخرمة (عند مسلم) عن كتاب أبيه بكير عن بسر بن سعيد، وتابعه محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام (مستور). وأخرجه بلفظه الأول أيضاً يحيى بن سعيد القطان (ثقة ثبت) وجرير بن عبد الحميد (ثقة) وسفيان بن عيينة (ثقة ثبت) عن ابن عجلان (ثقة)، عن بكير بن عبد الله بن وعثمان. أما اللفظ الثاني الذي أخرجه مسلم في الشواهد من طريق يحيى عن ابن عجلان، فهو خطأ حتماً. فقد رواه الجماعة عن يحيى بن سعيد كما في علل الدراقطني (9\ 85) باللفظ الأول. وقد رواه عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن عبد الله وعثمان، كما في السنن الكبرى (5\ 432)، وهو مروي بالمعنى، وقد خالفه الحفاظ. ومتابعة ابن لهيعة ضعيفة لا وزن لها. أما الحديث الذي جاء عن الزهري فقد قال عنه النسائي: «وهذا غير محفوظ من حديث الزهري». فالنهي إذاً خاصٌ بصلاة العشاء بنص الحديث.
قال ابن مالك: «والأظهر أنها (أي العشاء الآخرة) خُصَّت بالنهي، لأنها وقت الظلمة وخلوّ الطريق. والعِطر يهيّج الشهوة، فلا تأمن المرأة في ذلك الوقت من كمال الفتنة. بخلاف الصبح والمغرب، فإنهما وقتان فاضحان». نقل ذلك الشيخ القاري في المرقاة (2\ 71).
قلت: وهذا واضحٌ ولله الحمد. وأما من زعم أنها غير خاصة بصلاة العشاء، فليس معه دليل. إنما هو رأي رآه. وزعم التحريم يحتاج إلى دليل، لا الدعاوى المجردة. إلا إن كان يصحح حديث التفلات، فذاك شأنه.
واحتج من أجاز للمرأة بأن تتطيب بما أخرج أبو داود في سننه (2\ 166): حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني (ثقة) حدثنا أبو أسامة (حماد بن أسامة، ثقة ثبت) قال أخبرني عمر بن سويد الثقفي (جيد) قال حدثتني عائشة بنت طلحة (ثقة حُجة) أن عائشة أم المؤمنين ? حدثتها قالت: «كنا نخرج مع النبي ? إلى مكة، فنضمد جباهنا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عند الإحرام. فإذا عرقت إحدانا، سال على وجهها. فيراه النبي ? فلا ينهاها».
وزعم بعض المتشدّدين بأن هذا محمولٌ على أن ذلك الطيب ليس له رائحة!! وهو قولٌ مخالفٌ للغة العرب. في المعجم "المحيط": «السُّكُّ: ضَرْبٌ من الطّيب يركَّبُ من مسكٍ ورامكٍ». في "القاموس المحيط": «طِيبٌ يُتَّخَذُ من الرامَكِ مَدْقَوقاً مَنْخولاً مَعْجوناً بالماءِ. وُيعْرَكُ شديداً، ويُمْسَحُ بدُهْنِ الخَيْرِيّ لئلاَّ يَلْصَقَ بالإِناءِ. ويُتْرَكُ ليلةً، ثم يُسْحَقُ المِسْكُ، ويُلْقَمُه، ويُعْرَكُ شديداً، ويُقَرَّصُ. ويُتْرَكُ يَومينِ، ثم يُثْقَبُ بمسَلَّةٍ، ويُنْظَمُ في خَيْطِ قِنَّبٍ، ويُتْرَكُ سَنةً. وكلما عَتُقَ، طابتْ رائحتُهُ». وقال السيوطي في الجامع الصغير (1\ 227): «سُكّة: طيب يتخذ من الرامِك. شيء أسود يخلط بمسك ويفرك ويقرص ويترك يومين، ثم ينظم في خيط. وكلما عتق عبق. كذا في القاموس». فهذا صريحٌ جداً بأن السُّكّ المطيَّب له رائحة مسكيّة عابقة!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 09 - 02, 07:11 ص]ـ
وحتى لو ثبت حديث ليخرجن وهن تفلات فليس فيه تحريم تعطر المرأة مطلقاً
ـ[أبو إسحاق التطواني]ــــــــ[09 - 09 - 02, 09:12 م]ـ
ومن قال بحرمة تعطر المرأة مطلقا؟؟!!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[10 - 09 - 02, 10:40 م]ـ
فما تقول إذاً؟
ـ[أبو إسحاق التطواني]ــــــــ[10 - 09 - 02, 11:03 م]ـ
كيف تقولي ما لم أقل!! اعطني حرفا واحدا من كلامي فيه دليل على أني أقول بحرمة تعطر المرأة مطلقا؟!