فاتباع قول الإمام أبو حاتم وعد تخطأته في حكمه على الحديث على الحديث خير من إتباع الظن فإن الظن لا يغني من الحق شيئا، قال ابن المهدي: (خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظن: الحكم والحديث)
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أما كلام هؤلاء الإئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسّلماً من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم واطلاعهم واضطلاعهم في هذا الشأن واتصفوا بالإنصاف والديانة والخبرة والنصح .... )
فانظر ماذا قال (وذلك للعلم بمعرفتهم واطلاعهم ... ) لعلمهم وليس تقديساً لهم.
*وقولك يا أخي الحبيب (مبارك): (وللحديث شواهد عدة من حديث أبي ذر وثوبان وابن عمر وأبي بكرة وأم درداء وعقبة بن عامر والحسن مرسلا)
فإليك ما قال الحافظ ابن حجر عنها:
ورواه بن ماجة من حديث أبي ذر، وفيه شهر بن حوشب وفي الإسناد انقطاع أيضا.
ورواه الطبراني من حديث أبي الدرداء ومن حديث ثوبان وفي إسنادهما ضعف.
وأصل الباب حديث أبي هريرة في الصحيح من طريق زرارة بن أوفى عنه بلفظ ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به)) إنتهى كلامه رحمه الله.
*ونقلك يا أخي الكريم (مبارك) من قوى الحديث (كابن حبان والحاكم والبيهقي .... )
فمعروف عن ابن حبان التساهل ولا أعتقد أنك تخالفني، وكونه رواه في صحيحه فلا يلزم أن يكون صحيحاً، فليس كل حديث في كتابه يكون صحيحا!! فقد توسع ابن حبان في شروط الصحيح وتساهل في الإلتزام بها، فهو متساهل في التصحيح، وهذا ليس كلامي ولكن كلام العلماء.
*وأما عن الإمام الحاكم: فمعروف أنه يعتمد على ظاهر السند، والنقاد لا ينظرون إلى ظاهر السند إبتداءً، فليس ظاهر السند هو المعوّل عليه في التصحيح والتضعيف: (ما لم يكن في السند متروكاً)، فكم من حديث صحيح رواه راو ضعيف، وكم من حديث ضعيف راويه ثقة!!
قال الحافظ ابن حجر: (صحة الحديث وحسنه ليس تابعا لحال الراوي فقط، بل لأمور تنضم لذلك من المتابعات والشواهد وعدم الشذوذ والنكارة)
فتصحيح ابن حبان والحاكم لا يلتفت إليه مع وجود حكم على الحديث من الإمام أبوحاتم والإمام أحمد.
*وأما قول البيهقي عن الحديث: (جوده بشر بن بكر) فليس مراده من (جوده) أنه جيد، بل قصده أنه (رواه موصولاً) فبشر بن بكر وصل الحديث فذكر (عبيد بن عمير) بينما هو مقطوع كما رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي ولم يذكر (عبيد بن عمير) ولهذا قال الإمام الطبراني في الأوسط (لم يروه عن الأوزاعي - يعني موصولاً - إلا بشر ... )
*وأما ما نقلته عن الأئمة الباقين من تصحيح للحديث: فهؤلاء رحمهم الله يعتمدون على ظاهر السند وقد نقلت لك نصوص الأئمة في أن ذلك ليس من عمل المحدثين النقاد.
*وأما عن قول ابن حجر والسخاوي: (وبمجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلاً) ففرق بين أن تقول للحديث أصل وبين القول بصحة الحديث.
*وأما ما نقلته عن الشيخ الألباني رحمه الله من استشهاده للحديث بقوله: (ومما يشهد له أيضا مارواه مسلم وغيره عن ابن عباس قال: لما نزلت (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله تعالى: قد فعلت).
فهذا إستشهاد غير موفق منه رحمه الله، فهذا الحديث لا يصلح شاهداً لتصحيح الحديث الذي معنا، ولكنه يصلح شاهداً ((لمعنى)) الحديث فقط، ثم أين الإكراه في هذا الحديث، فليس هذا منهج النقاد، فهم لا يأخذون من هنا جزء لتصحيح جزء من حديث ومن آخر جزء لتصحيح الجزء الآخر ...
*************والخلاصة ************
إن ((معنى الحديث صحيح)) ولكن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم سنداً، ولكن يمكن القول بأن الحديث حسن، وذلك للأسباب التالية:
فالحديث الحسن كما عرّفه غير واحد من الأئمة، واذكر هنا قول الخطابي رحمه الله تعالى: (الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله) قال: (وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء).
فالحديث الذي معنا ضعيف لأن النقاد أعلوه كما قال أبو حاتم (ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده)
، ولكن أكثر العلماء قبلوه واستعمله عامة الفقهاء (كما في تعريف الحسن عند الخطابي) فصار حسناً كما قال الإمام النووي لأن ((معنى)) الحديث صحيح وقبله الفقهاء و يستشهدون به كثيراً في كتب الأصول كما هو معروف.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 08 - 02, 02:16 ص]ـ
كلام الأخ الدرع صحيح لا مزيد عليه إلا تحسينه للحديث فهو غير صحيح. والخطابي له تعريف مختلف عن تعريف غيره بالحديث الحسن. وعلى أية حال فالحديث الحسن من أنواع الضعيف كما أثبت شيخ الإسلام ابن تيمية.
أما عن كلام الأخ أبو تيمية فلا يوافق عليه.
محمد بن مصفى لا يصح حديثه. وكونه صدوقاً لا يفيد توثيقه لأن الصدق لا يكفي وحده، فكيف إذا كانت معه أوهام، وحدث صاحبه بمناكير؟!!
وفي تهذيب الكمال:
قال أبو حاتم: صدوق
و قال النسائى: صالح!
و قال صالح بن محمد البغدادى: كان مخلطا، و أرجو أن يكون صادقا، و قد حدث بأحديث مناكير.
و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات "، و قال: كان يخطىء.
وابن حبان على تساهله المفرط في التوثيق ذكر أنه يخطئ فتأمل
¥