3/ تراجع الشيخ عن تضعيفه فقواه مطولاً، وصحح منه قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثكلتك أمُّك يا معاذ بن جبل، وهل يكب النَّاسَ على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم)) في الصحيحة (7/ 845 - 846رقم3284)، وصححه لغيره في "صحيح الترغيب والترهيب" (رقم2866).
قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: [واعلم أن الباعث على تخريج هذا الحديث-وهو طرف من حديث طويل لمعاذ -رضي الله عنه-؛ أنني كنت خرجته من رواية الترمذي وغيره من طريق أبي وائل، وشهر بن حوشب، وميمون بن أبي شبيب مطولاً، يزيد بعضهم على بعض، وكلها معلولة بالانقطاع إلا روايةً عن شهرٍ، كما يأتي، خرجت ذلك في الإرواء (2/ 138 - 141)، وبين عللها أيضا المنذري في "الترغيب" (4/ 5 - 6)، ثم ابن رجب في "شرح الأربعين" (ص196)، وعقب عليها بقوله: "وله طرق أخرى كلها ضعيفة".
فلما وقفت على هذا الإسناد لهذا الطرف، بادرت إلى تخريجه؛ لِعِزَّتِهِ وصحته خلافاً لتلك الطرق.
ثم تابعت البحث، فوجدت له طريقاً أخرى من رواية مبارك بن سعيد –أخي سفيان بن سعيد-: ثنا سعيد بن مسروق عن أيوب بن كريز عن عبد الرحمن بن غَنْم عن معاذ بن جبل ... الحديث مطولاً، وفيه الطرف.
أخرجه الطبراني (20/ 73 - 74) من طريقين عنه.
وهذا إسناد رجاله ثقات من رجال التهذيب؛ غير أيوب بن كريز هذا؛ فإنه لا يعرف إلا في هذه الرواية، ومع ذلك ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 54)! فهو مستور، فيقوى حديثه بمتابعة شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم به.
أخرجه أحمد (5/ 235، 236، 245) مطولاً ومختصراً].
وصحح الشيخ الألباني -رحمه الله- جزءً منه في صحيح موارد الظمآن حيث أورده فيه (1/ 105رقم20): [عن معاذ بن جبل، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قلت: حدثني بعمل يدخلني الجنة؟ قال: ((بخٍ بخٍ! سألتَ عن أمر عظيم، وهو يسير لمن يسره الله عليه: تقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، ولا تشرك بالله شيئاً)).
حسن صحيح-التعليق على "الإيمان" لابن أبي شيبة (2/ 2 - 3)، التعليق على الإحسان (1/ 218)] انتهى النقل من صحيح الموارد.
4/ التعليق:
أ/ كان الشيخ -رحمه الله- من قبلُ قد صحح حديث معاذ بطوله في تعليقه على الإيمان لابن أبي شيبة (ص/16رقم1 - 2) –وقد رواه ابن أبي شيبة من طريق عروة بن النزال ومن طريق ميمون بن أبي شبيب كلاهما عن معاذ- فقال: [حديث صحيح بالطريق التي بعده، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عروة بن النزال، وثقه ابن حبان (1/ 158) فقط. وأخرجه الترمذي من طريق أبي وائل عن معاذ وقال: "حديث حسن صحيح"].
وأظن أن الشيخ -رحمه الله- قد صدر منه هذا التصحيح الذي في تعليقه على الإيمان قبل دراسته لطرقه بدقة؛ وذلك لأن الشيخ -رحمه الله- قد خرجه بتوسع في كتاب الإرواء –من طريق أبي وائل، وعروة بن النزال، وميمون بن أبي شبيب: وكلهم لم يسمع من معاذ كما بينه الشيخ الألباني هناك- وقال: [هذا ويتلخص مما تقدم أن جميع الطرق منقطعة في مكان واحد منها غير هذه الطريق، وأحد طريقي شهر بن حوشب فهي تقوي هذه، وأما الطرق الأخرى فلا يمكن القول فيها أنه يقوي بعضها بعضاً، لأن جميعها متحدة العلة وهي سقوط تابعيها منها ويجوز أن يكون واحداً، وعليه فهي حينئذٍ في حكم الطريق الواحد، ويجوز أن يكون التابعي مجهولاً والله أعلم.
وخلاصة القول: أنه لا يمكن القول بصحة شيء من الحديث إلا هذا القدر الذي أراده المصنف لمجيئه من طريقين متصلين يقوي أحدهما الآخر والله أعلم] انتهى.
فهذا يدل على تراجع الشيخ عما علقه على كتاب الإيمان لابن أبي شيبة.
ثم تراجع الشيخ -رحمه الله- عن تراجعه فحسنه لوقوفه على الطريق الأخرى التي عزاها للطبراني.
وصححه لغيره في صحيح الترغيب والترهيب (رقم2866).
ب/ الطريق التي ذكر الشيخ أنها عند الطبراني (20/ 73 - 74) خرجها أيضاً باختصار: البخاري في التاريخ الكبير (7/ 426)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (1/ 219)، وعلقها الدارقطني في العلل (6/ 78) والبيهقي في الشعب (4/ 248).
ج/ كلام الشيخ الألباني -رحمه الله- الذي ذكره في الإرواء بأن الطرق إذا كانت منقطعة في مكان واحد أنها تكون في حكم الطريق الواحد لاتحاد العلة كلام فيه نظر.
وهو منقوض بالمرسل.
¥