تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما يكون كلامه -رحمه الله- متجهاً إذا كان الذي أرسلوه عن معاذ متحدي الشيوخ فيحتمل أن يكون واحداً كما قالوا ذلك في المرسل.

وهذا منتفٍ هنا.

فقد أرسله عن معاذ: أبو وائل، وميمون بن أبي شبيب، وشهر –في بعض الروايات-، وعروة بن النَّزال، ومكحول.

وثمة اختلاف بينهم في الشيوخ فاحتمال أخذهم الحديث من شيخ واحد يكون مجهولاً أو ضعيفاً مما يجزم ببطلانه.

نعم قد يكون مرده هنا إلى راوٍ واحد ولكن ليس بقرينة الشيوخ، ولكن بقرينة أخرى وهي الطرق المتعددة المروية عن عبد الرحمن بن غنم؛ فيكون هو الواسطة بينه وبين من أرسله ممن روى عنه أو بواسطة عنه لمن لم يرو عنه.

لا سيما وأن شهراً صرح بأنه أخذه من عبد الرحمن بن غنم، وهذا من طريق عبد الحميد بن بهرام، وقد حسن الإمام أحمد روايته عن شهر، وتابعه أيوب بن كريز، وهو وإن كان مجهولاً إلا أنَّه صالح هنا -إن شاء الله تعالى- للمتابعة، وتابعه أيضاً عمير بن هانئ وهو ثقة ومتابعته عند ابن حبان في صحيحه.

مما يقوي القول بأنَّ حديث معاذ -رضي الله عنه- إنما حدث به صاحبه وجليسه وملازمه عبد الرحمن بن غنم وعنه اشتهر بين التابعين ومداره عليه وهو ثقة إمام لا يسأل عن مثله.

فيظهر لي أنه حديث صحيح بطوله بهذه الطرق والمتابعات –وهو ما رجحه الشيخ الألباني أخيراً-، وأن مداره –على غالب الظن- على عبد الرحمن بن غنم. والله أعلم.

الحديث الرابع عشر

1/ متنه: عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى))

2/ كان الشيخ -رحمه الله- قد ضعفه في ضعيف الجامع (ص/771رقم5340)، وأحال إلى المشكاة (5179) –ولم يعلق عليه هناك بشيء، فلعله في التحقيق الثاني للمشكاة ولم يطبع بعد- وفي الضعيفة (5650).

3/ تراجع الشيخ الألباني -رحمه الله- عن تضعيفه فحسنه في الصحيحة (7/ 850).

قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: [وله شاهد آخر مرفوع من حديث أبي موسى الأشعري بنحوه، كنت خرجته في الكتاب الآخر (5650) لانقطاعه مع ثقة رجاله، ثم وقفت على هذا الشاهد العزيز القوي، فسارعت إلى تخريجه هنا، ثم أشرت إليه هناك؛ ليكون القراء على بصيرة وعلم بما يَجِدُّ من العلمِ؛ فإنه في تقدمٍ لا يقبل الجمود، وبالله تعالى التوفيق].

4/ التعليق: كتبت بحثاً في تخريج الحديث من رواية أبي موسى التي خرجها الشيخ في الضعيفة المجلد الثاني عشر ولم يطبع بعد.

فانظره هنا:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=15462#post15462

الحديث الخامس عشر

1/ متنه: عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: ((ما هذا السرف يا سعد؟))

قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: ((نعم، وإنْ كُنْتَ على نهر جارٍ)).

2/ كان الشيخ -رحمه الله- قد ضعفه في إرواء الغليل (1/ 171رقم140)، وفي "الرد على بليق (ص/98)، وضعيف ابن ماجه (ص/35رقم425 - القديمة)، والمشكاة (1/ 133رقم427).

3/ تراجع الشيخ -رحمه الله- عن تضعيفه فحسنه في السلسلة الصحيحة (7/ 860 - 861رقم3292).

نقل الشيخ الألباني -رحمه الله- كلام ابن عدي في "حيي بن عبد الله المعافري":"وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة". قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: [قلت: وهذا الشرط بدهي، ويبدو –لأول وهلة- أنَّه هنا غير متوفر، لسوء حفظ ابن لهيعة الذي عرف به، وإن كان صدوقاً في نفسه، وهذا هو الذي كان حملني -تبعاً لغيري- على تضعيف الحديث من أجله في "إرواء الغليل" (1/ 171رقم140) قديماً، وفي غير إحالة عليه.

ثم بدا لي ما غيَّر وجهة نظري في رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة، وأن روايته ملحقة في الصحة برواية العبادلة عنه، استفدت ذلك من ترجمة الحافظ الذهبي لقتيبة في "سير أعلام النبلاء" وقد نقلت ذلك تحدث الحديث المتقدم (2843) فلا داعي لتكراره.

وبناءً على أن هذا الحديث من رواية قتيبة عن ابن لهيعة، فقد رجعت عن تضعيف الحديث به إلى تحسينه، راجياً من الله أن يغفر لي خطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، وأن يزيدني علماً وهدى.

وهناك أثر ذكره البيهقي (1/ 197) عن هلال بن يساف قال: "كان يقال: في كل شيء إسراف حتى الطهور؛ وإن كنت على شاطئ النهر"

وهلال هذا ثقة تابعي، فكأنه يشير إلى هذا الحديث، وإلى أنه كان مشهوراً بين السلف، والله أعلم].

4/ التعليق:

أ/ عزا الشيخ الألباني هذا الحديث في الإرواء إلى المسند وابن ماجه –كما في الصحيحة- وزاد: الحكيم الترمذي في الأكياس والمغترين (ص/27).

يقول أبو عمر العتيبي: ورواه –أيضاً- البيهقي في الشعب (3/ 20رقم2788)، وعزاه البوصيري في مصباح الزجاجة إلى أبي يعلى في مسنده.

ب/ وأثر هلال بن يساف: رواه –أيضاً- ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 67رقم718)

ج/ فائدة: روى الدقاق في مجلس إملاء في رؤية الله (ص/83رقم156) من طريق سعيد بن منصور ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السَّيباني –وهو حمصيِّ- عن أبي سلام ممطور الحبشي -رحمه الله- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد يكون في الوضوء إسراف، وفي كل شيء إسراف)).

وإسناده حسن إلى أبي سلام ولكنه مرسل.

أبو سلام ثقة من أواسط التابعين جل روايته عن الصحابة مرسلة، وسمع من بعضهم.

انتهت الحلقة الثالثة، والحمد لله رب العالمين.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير