تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالأول ألف في بيان المهملين من الرواة عموماً كتاباً عُرف باسم: "المكمل في بيان المهمل" ([2]).

ولكن للأسف فهذا الكتاب يعتبر حتى الآن في عداد الكتب المفقودة ([3]).

والثاني ألف في بيان المهملين في أسانيد صحيح البخاري بخصوصه، وذلك في باب مستقل في كتابه الماتع: «تقييد المهمل وتمييز المشكل» ([4]).

وعلى هذين المؤلفين عوّل من جاء بعدهما، مع الإضافة أو التعقيب، كما يُعرف من مراجعة المؤلفات المتأخرة عنهما في الرجال أو الشروح الحديثية.

تعريف المبهم:

المبهم هو: من لم يتعين اسمه.

كأن يقول أحد الرواة: حدثني رجل. أو: حدثني صاحب لي. أو نحو ذلك.

ومنه يتبين الفرق واضحاً بين المهمل والمبهم.

فالمهمل ذُكر اسمه لكنه التبس مع غيره، وأما المبهم فلم يُذكر اسمه أصلاً.

وقد ألف في المبهمات غير واحد من العلماء.

ومن أشهر ما طُبع من هذه المؤلفات: كتاب الخطيب البغدادي: «الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة» وكتاب ابن طاهر المقدسي: «إيضاح الإشكال»، وكتاب ابن بشكوال: «غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأحاديث المسندة»، وكتاب النووي «الإشارات إلى بيان الأسماء المبهمات» ([5])، وكتاب العراقي: «المستفاد من مبهمات المتن والإسناد»، وغيرها.

وهناك أمور أخرى تتعلق بالمبهم، ليس هنا مجال ذكرها، وهي موجودة في كتب المصطلح.

المبحث الثاني: ضوابط ووسائل تمييز الرواة المهملين

تقدم القول بأني لم أقف في كتب المصطلح أو الرجال على من أفرد هذه القواعد بمبحث خاص، ولم أجد ضوابط كافية في تمييز الرواة المهملين عموماً، إلا من فوائد قليلة منثورة مفرقة ([6]).

ومن خلال تتبعي لهذه الكتب، وقراءتي لبعض كتب شروح الحديث وغيرها، أمكنني التوصل إلى ما يلي:

يمكن تمييز الرواة المهملين من خلال عدة أمور:

1 - عن طريق معرفة تلميذ الراوي المهمل.

فإذا كان هذا الراوي المهمل يروي عنه راوٍ ما، ولا يروي عن غيره، ممن شاركه في الاسم، فهذا أمره واضح وبيّن.

ومثاله: إذا روى الحميدي عن سفيان مهملاً، فمعلوم أنه يعني ابن عيينة، لأنه لا يروي عن الثوري، وكذا الإمام أحمد وغيرهما ممن لا يروي إلا عن ابن عيينة.

ولذا كان من المهم تتبع تلاميذ الرواة المهملين، لكونه أحد الطرق في التمييز بينهم.

ومما ينبغي التنبيه إليه في هذا المقام أن كثيراً من المبتدئين من طلاب العلم يعتمدون في حصر الرواة عن راوٍ ما على كتاب تهذيب الكمال، وهذا ليس بصحيح، فلم يستوعب المزي جميع الرواة عن المترجم، بل ولم يشترط ذلك، ولذا ينبغي على الباحث أن لا يعتمد في نفي رواية راوٍ ما عن آخر لعدم ذكره ضمن الرواة عنه في تهذيب الكمال، وكذا الحال في شيوخ المترجم.

2 - عن طريق معرفة شيخ الراوي المهمل. وهذا كالمتقدم.

ومثاله: أن يكون الثوري يروي عن شيخ لا يروي عنه ابن عيينة، فهذا أمره واضح بين أيضاً. ومنه يتبين أيضاً أهمية محاولة استيعاب شيوخ الرواة المهملين.

3 - عن طريق النظر في علاقة الرواة عن هذا الراوي المهمل، ويتضمن ذلك عدة أمور:

أ – فقد يكون التلميذ مختصاً بأحد الراويين المهملين دون الآخر، كأن يكون من المكثرين عنه، أو يكون راويته أو مشهوراً بصحبته، أو نحو ذلك، فهذا إذا أطلق اسم شيخه مهملاً حُمل على من كان مكثراً عنه، أو ممن كان معدوداً في أصحابه.

وهذه قاعدة معروفة عند العلماء، وعمل بها عدد من الأئمة:

قال الرامهرمزي: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، رويا جميعاً عن الأعمش وغيره، وروى عنهما الوليد بن مسلم وغيره. وحضرت القاسم المطرز، فحدثنا عن أبي همام أو غيره، عن الوليد، عن سفيان حديثاً. فقال له أبو طالب بن نصر: من سفيان هذا؟. فقال المطرز: هذا الثوري. فقال له أبو طالب: بل هو ابن عيينة. قال من أين قلت؟. قال: لأن الوليد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة، وهو مليء بابن عيينة، وسفيان الثوري أكبر وأقدم وابن عيينة أسند ([7]).

وقد سئل المزي فيما إذا ورد حديث لعبدالرزاق عن سفيان عن الأعمش، أي السفيانين هو؟ وإن كان أكثر روايته عن الثوري، فهل يُكتفى بذلك، أم يحتاج إلى زيادة بيان؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير