وأخرج الجياني عن ابن السكن قال: (كل ما في كتاب البخاري مما يقول فيه: «حدثنا محمد قال: حدثنا عبدالله» فهو محمد بن مقاتل المروزي عن عبدالله بن المبارك.
وما كان فيه «حدثنا محمد» عن أهل العراق، مثل: أبي معاوية، وعبدة، ويزيد بن هارون، ومروان الفزاري. فهو محمد بن سلام البيكندي.
وما كان فيه: «حدثنا عبدالله» غير منسوب، فهو عبدالله بن محمد الجعفي المسندي، وهو مولى البخاري من فوق.
وما كان فيه: «عن يحيى» غير منسوب، فهو يحيى بن موسى البلخي المعروف بخَتّ.
وسائر شيوخه فقد نسبهم، غير أصحاب ابن المبارك، فهم جماعة.
وما كان فيه: «عن إسحاق» غير منسوب، فهو إسحاق بن راهويه) انتهى ([21]).
وقال الحافظ ابن حجر: ومن عادة البخاري إذا أطلق الرواية عن علي، إنما يقصد به علي بن المديني ([22]).
وقال الحافظ أيضاً: تقرر أن البخاري حيث يطلق محمد لا يريد إلا الذهلي، أو ابن سلام، ويُعرف تعيين أحدهما من معرفة من يروي عنه ([23]).
وفي سؤال للحافظ ابن حجر عن رواية للبخاري عن عبدالله بن محمد، قال: وقول الشيخ في عبدالله بن محمد: إنه المسندي، صواب. وقوله في مواضع أخرى: إنه ابن أبي شيبة، لا يظهر، بل الظاهر أن الصواب اطراد صنيع البخاري في ذلك، فحيث يطلق عبدالله بن محمد، فهو المسندي. وقد عُثِر على أنه إذا روى عن ابن أبي شيبة لا يسمي أباه، بل يقول: عبدالله بن أبي شيبة… وقد جزم المزي في عدة أحاديث يقول فيها البخاري: «حدثنا محمد بن عبدالله» بأنه الجعفي وهو المسندي، ولم يقل في واحد منها أنه ابن أبي شيبة، وكذا صنع أبو نعيم في مستخرجه ([24]).
وقال الحافظ أيضاً: والذي استقريته أن البخاري إذا أطلق محمد بن يوسف لا يريد إلا الفريابي… وإذا روى عن محمد بن يوسف البيكندي نسبه ([25]).
ج ـ أن يكون بين تلميذ هذا الراوي المهمل وبين شيخه صلة قرابة ونسب.
وهذا لم أر من نص عليه، ولكن عادة تُحمل رواية الراوي عن قريبه أكثر من غيره لما بينهما من الصلة والتي عادة تكون أكثر من غيره، إلا إن وُجِدت قرينة تدل على خلافه.
ومثاله رواية عمار بن محمد ابن أخت سفيان الثوري، لو وجد له رواية عن ابن عيينة أيضاً، فتُحمل روايته عن سفيان مهملاً إذا عُدمت المرجحات الأخرى على أنه يعني الثوري.
4 - عن طريق معرفة أوطان الرواة.
فرواية الراوي عن أهل بلده عادة أكثر من غيرهم.
ومثاله: إذا روى أحد الرواة عن سفيان مهملاً، وكان هذا الراوي من أهل مكة مثلاً، ولم يكن هناك ثمة مرجحات أخرى فيترجح أنه يعني ابن عيينة.
قال السخاوي في بيانه لطرق التمييز بين المهملين: أو بكونه كما أشير إليه في معرفة أوطان الرواة بلدي شيخه أو الراوي عنه، إن لم يُعرف بالرحلة، فإن ذلك وبالذي قبله يغلب على الظن بتبيين المهمل ([26]).
وقال سلمة بن سليمان: إذا قيل عبدالله بمكة فهو ابن الزبير، أو بالمدينة فابن عمر، أو بالكوفة فابن مسعود أو بالبصرة فابن عباس، أو بخراسان فابن المبارك ([27]).
وقد يكون الراوي معروفاً بالرواية عن أهل بلد دون غيرهم، وإن لم يكن هو من أهل ذلك البلد.
قال أبو الوليد الباجي – عند ذكره لرواية محمد بن أبان عند البخاري، وكان شيخه من البصريين – قال: والأظهر عندي أن المذكور في جامع البخاري هو الواسطي، ومحمد ابن أبان البلخي يروي عن الكوفيين …، والواسطي يروي عن البصريين ([28]).
5 - عن طريق معرفة طبقة الراوي، وتاريخ ولادته ووفاته.
فرواية الراوي عادة أكثر ما تكون عن شيوخه الكبار، وقد يروي عن صغار شيوخه، وأحياناً يروي عن أقرانه وقد يروي في حالات عن تلميذه ومن في طبقته.
فمعرفة طبقة الرواة عن هذا المهمل ضروري لمعرفته.
قال الرامهرمزي: حماد بن سلمة وحماد بن زيد، رويا عن ثابت، وداو د، وأيوب، والتيمي، وروى عنهما أهل عصر سنة ثلاثين، وابن سلمة أكبر وأقدم؛ مات حماد بن سلمة في ذي الحجة سنة سبع وستين ومائة، ومات حماد بن زيد في شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة ([29]).
¥