تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ح – وقد يعرف عن أحد الرواة أنه لا يحدث بحضرة الآخر ممن يشاركه في الاسم.

ومثاله ما أخرجه غير واحد عن الحسن بن قتيبة قال: قال سفيان الثوري لسفيان بن عيينة: مالك لا تُحدث؟ فقال: أما وأنت حيّ فلا ([70]).

فهنا لو وجدنا رواية لسفيان مهملاً، وعدمنا المرجحات الأخرى، وتبين لنا أن الراوي روى هذه الرواية بوجود السفيانين معاً، لرجحنا أن المراد هو الثوري، للنص المتقدم.

7 - عن طريق النظر في الأسانيد القريبة من هذا الإسناد الوارد فيه هذا المهمل.

فقد يرد فيها منسوباً. كأن يسوق أحد المصنفين إسناداً من الأسانيد، ويرد فيه من رواية راوٍ ما عن سفيان مهملاً ثم يسوق بعده إسناداً آخر، وفيه نفس الراوي السابق، لكنه أورد اسم سفيان منسوباً، فهنا يحمل سفيان الوارد في الإسناد الأول على أنه هو المنسوب في الإسناد الثاني، وخاصة لو جاء شيخ سفيان في الإسنادين واحداً.

وقد استدل بهذه الطريقة على تعيين المهمل غير واحد من العلماء:

فقد أورد الحافظ الجياني روايتين للبخاري عن محمد عن سريج بن النعمان، ثم أورد رواية ثالثة قال البخاري فيها: محمد بن رافع عن سريج بن النعمان.

فقال الجياني: والأشبه عندي أن يُحمل ما أهمل البخاري من نسبة محمد في الحديثين المتقدمين على ما بيّن في الموضع الثالث، فنقول: إن محمداً هذا هو ابن رافع النيسابوري، لا سيما والأحاديث الثلاثة من نسخة واحدة… وهي كلها في معنى الحج ([71]).

وفي موضع آخر ذكر رواية البخاري عن محمد عن عبدالأعلى.

فقال الجياني: ولعله محمد بن المثنى الزمن؛ فقد قال بعد هذا بيسير: حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى … الخ ([72]).

وعندما روى النخشبي حديثاً في تخريجه لفوائد الحنائي، جاء فيه رواية سعيد اللخمي عن حماد عن عمرو بن دينار وذكر حديثاً.

فقال النخشبي: هكذا رواه حماد بن سلمة، وفي الأصل: «حماد» غير منسوب، وإنما عرفنا أنه حماد بن سلمة. لا حماد بن زيد؛ لأن قبله حديثاً عن سعيد عن حماد عن سماك، ولم يرو حماد بن زيد عن سماك، وإنما روى عنه حماد بن سلمة، وبعده حديث آخر عن سعيد عن حماد عن قيس بن سعد المدني. وحماد بن سلمة هو الذي روى عن قيس بن سعد المدني، دون حماد بن زيد، على أن الحديث مشهور عن حماد بن زيد ... الخ ([73]).

وقال الحافظ ابن حجر في ترجيحه لنسبة أحد الرواة: ومما يدل على أنه هو أن البخاري قال في باب صلاة القاعد: «حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا روح بن عبادة»، وقال بعده سواء: «وحدثنا إسحاق، حدثنا عبدالصمد»، فهذه قرينة في أنه هو ابن منصور ([74]).

8 – عن طريق تخريج طرق الحديث.

فقد يرد هذا المهمل في بعض طرق الحديث منسوباً.

قال السخاوي: ويزول الإشكال عند أهل المعرفة بالنظر في الروايات، فكثيراً ما يأتي مميزاً في بعضها ([75]).

ويترجح تعيين الراوي المهمل عن طريق التخريج إذا جاء من رواية الراوي عنه في إسناد آخر منسوباً، فهنا يترجح أن يكون هو، وأما إن جاء من رواية راوٍ آخر عن هذا المهمل، فهنا لا يصلح الترجيح؛ لاحتمال أن يكون الراوي الآخر قد رواه أيضاً.

ومثاله: لو وجدنا رواية لسفيان مهملاً، وكان الراوي عنه أبو نعيم مثلاً، ثم وجدنا رواية أخرى لأبي نعيم وصرح فيها بتسمية سفيان وأنه الثوري، فهذه قرينة قوية في أن سفيان الوارد في الإسناد الأول هو الثوري، وأما إن وجدنا رواية أخرى وذكر اسم سفيان منسوباً، ولم تكن من رواية أبي نعيم، فهنا لا يصلح الترجيح؛ لاحتمال أن يكون ابن عيينة رواه أيضاً.

ولكن إن وجدنا أكثر طرق الحديث ذُكر فيها اسم سفيان منسوباً، ووجدنا طريقاً واحداً فقط ذكر فيه مهملاً، فهنا قد نرجح بأنه هو الوارد منسوباً في الطرق الأخرى، ولكن لا نجزم بهذا.

وقد يبقى الإشكال، أو يزداد؛ إذا تبين أن كلا الراويين يرويان الحديث نفسه.

9 - وإذا لم يتضح المراد من الطرق السابقة جميعاً، فهنا يُحمل الأمر على الأقدم منهما والأشهر.

ففي السفيانين، يحمل على أنه الثوري، وفي الحمادين يحمل على أنه ابن سلمة.

وذلك ما يفهم من إطلاقات المحدثين، فدائماً ما يطلقون سفيان مهملاً، ويعنون به الثوري ([76]).

وإلى هذا أشار الذهبي في كلامه عن الحمادين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير