التاريخ الكبير للبخاري (2/ 84)، الكنى لمسلم (1/ 797)، الجرح والتعديل (2/ 339، 349)، الثقات لابن حبان (3/ 21)، أسماء من يعرف بكنيته لأبي الفتح الأزدي (1/ 61)، الاستيعاب لابن عبد البر (في هامش الإصابة 4/ 187)، أسد الغابة لابن الأثير (5/ 100)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 268) المقتنى في سرد الكنى للذهبي (2/ 87)، الإصابة لابن حجر (4/ 180).
ثانياً: تخريج الحديث:
روى هذا الحديث من هذا الوجه الذي ذكره ابن أبي حاتم ابن سعد في الطبقات (1/ 177) فقال: أخبرنا الحارث قال حدثني غير واحد من أصحابنا منهم محمد بن المثنى البزاروغيره قالوا: أخبرنا محمد بن بشر بن محمد الواسطي، ويكنى أبا أحمد السكري، أخبرنا عبد الملك بن وهب المذحجي عن الحر بن الصياح عن أبي معبد الخزاعي أن رسول الله ? لما هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي، فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة جلدة برزة تحتبي وتقعد بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم فسألوها تمراً أو لحماً يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك وإذا القوم مرملون مسنتون فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، فنظر رسول الله ? إلى شاة في كسر الخيمة فقال: ((ما هذه الشاة يا أم معبد؟)) قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: ((هل بها من لبن؟)) قالت: هي أجهد من ذلك.قال: ((أتأذنين لي أن أحلبها؟)) قالت: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلباً! فدعى رسول الله ? بالشاة فمسح ضرعها وذكر الله وقال: ((اللهم بارك لها في شاتها!)) قال: فتفاجت ودرت واجترت فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجاً حتى غلبه الثمال فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب ? آخرهم وقال: ((ساقي القوم آخرهم)) فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل حتى أراضوا ثم حلب فيه ثانياً عوداً على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها فما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً حيلاً عجافاًهزلى ما تساوق مخهن قليل لا نقي بهن فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين لكم هذا والشاة عزبة ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، قال: والله لأراه صاحب قريش الذي يطلب، صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، متبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثلجة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، أحور أكحل أزج، شديد سواد الشعر، في عنقه سطع، وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هذر، أجهر الناس وأجمله من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابث ولا مفند، قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولو كنت وافقته يا أم معبد لالتمست أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، وأصبح صوت بمكة عالياً بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به
فأفلح من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا يجازى وسودد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح ضرة الشاة مزبد
فغادره رهناً لديها لحالب
تدر بها في مصدر ثم مورد
وأصبح القوم قد فقدوا نبيهم، وأخذوا على خيمتي أم معبد حتى لقوا النبي ? قال: فأجابه حسان بن ثابت فقال:
لقد خاب قوم غاب عنهم نبيهم
وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فزالت عقولهم
وحل على قوم بنور مجدد
وهل يستوي ضلال قوم تسلعوا
عمى وهداة يهتدون بمهتد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله
ويتلوا كتاب الله في كل مشهد
فإن قال في يوم مقالة غائب
فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد
لتهن أبا بكر سعادة جده
بصحبته من يسعد الله يسعد
ويهن بني كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمسلمين بمرصد
¥