قوله (فأتى به يوما) فذكر سفيان اليوم الذي أتى به فيه والشراب الذي شربه من عند الواقدي، ووقع في روايته " وكان قد أتى به في الخمر مرارا".
قوله (فأمر به فجلد) في رواية الواقدي " فأمر به فخفق بالنعال، وعلى هذا فقوله " فجلد " أي ضرب ضربا أصاب جلده، وقد يؤخذ منه أنه المذكور في حديث أنس في الباب الأول.
قوله (قال رجل من القوم) لم أر هذا الرجل مسمى، وقد وقع في رواية معمر المذكورة " فقال رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم " ثم رأيته مسمى في رواية الواقدي فعنده " فقال عمر".
قوله (ما أكثر ما يؤتى به) في رواية الواقدي " ما يضرب " وفي رواية معمر " ما أكثر ما يشرب وما أكثر ما يجلد".
قوله (لا تلعنوه) في رواية الواقدي " لا تفعل يا عمر " وهذا قد يتمسك به من يدعي اتحاد القصتين، وهو بعيد لما بينته من اختلاف الوقتين، ويمكن الجمع بأن ذلك وقع للنعيمان ولابن النعيمان وأنه اسمه عبد الله ولقبه حمار، والله أعلم.
قوله (فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله) كذا للأكثر بكسر الهمزة ويجوز على رواية ابن السكن الفتح والكسر.
وقال بعضهم الرواية بفتح الهمزة، على أن " ما " نافية يحيل المعنى إلى ضده، وأغرب بعض شراح المصابيح فقال ما موصولة وإن مع اسمها وخبرها سدت مسد مفعولي علمت لكونه مشتملا على المنسوب والمنسوب إليه والضمير في أنه يعود إلى الموصول والموصول مع صلته خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي علمت والجملة في جواب القسم، قال الطيبي: وفيه تعسف.
وقال صاحب " المطالع ": ما موصولة وإنه بكسر الهمزة مبتدأ، وقيل بفتحها وهو مفعول علمت.
قال الطيبي: فعلى هذا علمت بمعنى عرفت وأنه خبر الموصول: وقال أبو البقاء في إعراب الجمع: ما زائدة أي فوالله علمت أنه والهمزة على هذا مفتوحة.
قال: ويحتمل أن يكون المفعول محذوفا أي ما علمت عليه أو فيه سوءا، ثم استأنف فقال: إنه يحب الله ورسوله.
ونقل عن رواية ابن السكن أن التاء بالفتح للخطاب تقريرا، ويصح على هذا كسر الهمزة وفتحها، والكسر على جواب القسم والفتح معمول علمت، وقيل ما زائدة للتأكيد والتقدير لقد علمت.
قلت: وقد حكى في " المطالع " أن في بعض الروايات " فوالله لقد علمت " وعلى هذا فالهمزة مفتوحة، ويحتمل أن تكون ما مصدرية وكسرت إن لأنها جواب القسم.
قال الطيبي: وجعل ما نافية أظهر لاقتضاء القسم أن يلتقي بحرف النفي وبإن وباللام خلاف الموصولة، ولأن الجملة القسمية جيء بها مؤكدة لمعنى النفي مقررة للإنكار، ويؤيده أنه وقع في شرح السنة " فوالله ما علمت إلا أنه قال " فمعنى الحصر في هذه الرواية بمنزلة تاء الخطاب في الرواية الأخرى لإرادة مزيد الإنكار على الخاطب.
قلت: وقد وقع في رواية أبي ذر: عن الكشميهني مثل ما عزاه لشرح السنة، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أبي زرعة الرازي عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه " فوالله ما علمت إنه ليحب الله ورسوله " ويصح معه أن تكون ما زائدة وأن تكون ظرفية أي مدة علي، ووقع في رواية معمر والواقدي " فإنه يحب الله ورسوله " وكذا في رواية محمد بن عمرو بن حزم، ولا إشكال فيها لأنها جاءت تعليلا لقوله " لا تفعل يا عمر " والله أعلم.
وفي هذا الحديث من الفوائد جواز التلقيب وقد تقدم القول فيه في كتاب الأدب، وهو محمود هنا على أنه كان لا يكرهه، أو أنه ذكر به على سبيل التعريف لكثرة من كان يسمى بعبد الله، أو أنه لما تكرر منه الإقدام على الفعل المذكور نسب إلى البلادة فأطلق عليه اسم من يتصف بها ليرتدع بذلك.
وفيه الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه والأمر بالدعاء له.
وفيه أن لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المذكور يحب الله ورسوله مع وجود ما صدر منه.
وأن من تكررت منه المعصية لا تنزع منه محبة الله ورسوله، ويؤخذ منه تأكيد ما تقدم أن نفي الإيمان عن شارب الخمر لا يراد به زواله بالكلية بل نفي كماله كما تقدم، ويحتمل أن يكون استمرار ثبوت محبة الله ورسوله في قلب العاصي مقيدا بما إذا ندم على وقوع المعصية وأقيم عليه الحد فكفر عنه الذنب المذكور، بخلاف من لم يقع منه ذلك فإنه يخشى عليه بتكرار الذنب أن يطبع على قلبه شيء حتى يسلب منه ذلك نسأل الله العفو والعافية.
¥