ابن مرزوق قال: ثنا أبو عامر قال: ثنا سفيان الثوري , عن أبي إسحاق , عن أبي بردة , عن النبي صلى الله عليه وسلم , مثله. فصار أصل هذا الحديث عن أبي بردة , عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم , برواية شعبة وسفيان , وكل واحد منهما - عندهم - حجة على إسرائيل , فكيف إذا اجتمعا جميعا. فإن قالوا: فإن أبا عوانة قد رواه مرفوعا , كما رواه إسرائيل. وذكروا في ذلك , ما حدثنا فهد قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا إسرائيل وأبو عوانة. ح. وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال: ثنا سعيد بن منصور قال: ثنا أبو عوانة. ح. وحدثنا أحمد بن داود قال: ثنا أبو الوليد قال: ثنا أبو عوانة , عن أبي إسحاق , عن أبي بردة , عن أبي موسى , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا نكاح إلا بولي}. قيل لهم: قد روي عن أبي عوانة هذا كما ذكرتم , ولكنا نظرنا في أصل ذلك , فإذا هو عن أبي عوانة , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , فرجع حديث أبي عوانة أيضا إلى حديث إسرائيل. حدثنا بذلك أبو أمية قال: ثنا المعلى بن منصور الرازي قال: ثنا أبو عوانة , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق فذكر بإسناده مثله. فانتفى بذلك أن يكون , عند أبي عوانة في هذا , عن أبي إسحاق , شيء. فإن قالوا: فإنه قد رواه قيس بن الربيع , عن أبي إسحاق أيضا , كما رواه إسرائيل وذكروا في ذلك ما حدثنا فهد قال: ثنا محمد بن الصلت الكوفي. ح. وحدثنا أحمد بن داود قال: ثنا أبو الوليد قالا: ثنا قيس بن الربيع , عن أبي إسحاق , عن أبي بردة , عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا نكاح إلا بولي} قيل لهم: صدقتم , قد رواه قيس كما ذكرتم , وقيس - عندهم - دون إسرائيل , فإذا انتفى أن يكون إسرائيل مضادا لسفيان ولشعبة , كان قيس أحرى أن لا يكون مضادا لهما فإن قالوا: فإن بعض أصحاب سفيان قد رواه عن سفيان مرفوعا , كما رواه إسرائيل وقيس , وذكروا في ذلك ما حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو كامل قال: ثنا بشر بن منصور , عن سفيان , عن أبي إسحاق , عن أبي بردة , عن أبي موسى , عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال {لا نكاح إلا بولي} قيل لهم: قد صدقتم , قد روى هذا بشر بن منصور , عن سفيان كما ذكرتم , ولكنكم لا ترضون من خصمكم بمثل هذا إن احتجوا عليه بما رواه أصحاب سفيان أو أكثرهم عنه , على معنى , ويحتج هو عليكم بما رواه بشر بن منصور , عن سفيان , بما يخالف ذلك المعنى , وتعدون المحتج عليكم بمثل هذا جاهلا بالحديث , فكيف تسوغون أنفسكم على مخالفكم ما لا يسوغونه عليكم؟ إن هذا لجور بين وما كلامي في هذا إرادة منى الإزراء على أحد ممن ذكرت , ولا أعد مثل هذا طعنا. ولكني أردت بيان ظلم هذا المحتج , وإلزامه من حجة نفسه ما ذكرت , ولكني أقول: إنه لو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {لا نكاح إلا بولي} لم يكن فيه حجة لما قال الذين احتجوا به لقولهم في هذا الباب ; لأنه قد يحتمل معاني. فيحتمل ما قال هذا المخالف لنا إن ذلك الولي هو أقرب العصبة إلى المرأة. ويحتمل أن يكون ذلك الولي , من توليه المرأة من الرجال , قريبا كان منها أو بعيدا. وهذا المذهب يصح به قول من يقول: لا يجوز للمرأة أن تتولى عقد نكاح نفسها , وإن أمرها وليها بذلك , ولا عقد نكاح غيرها , ولا يجوز أن يتولى ذلك إلا الرجال. وقد روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مثل ذلك. حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا عبد الله بن إدريس , عن ابن جريج , عن عبد الرحمن بن القاسم , عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت رجلا من بني أخيها جارية من بني أخيها فضربت بينهما بستر ثم تكلمت , حتى إذا لم يبق إلا النكاح , أمرت رجلا فأنكح , ثم قالت: (ليس إلى النساء النكاح). ويحتمل أيضا قوله {لا نكاح إلا بولي} أن يكون الولي هو الذي إليه ولاية البضع من والد الصغيرة , أو مولى الأمة أو بالغة حرة لنفسها. فيكون ذلك على أنه ليس لأحد أن يعقد نكاحا على بضع الأولى , ذلك البضع , وهذا جائز في اللغة , قال الله تعالى {فليملل وليه بالعدل}. فقال قوم: ولي الحق , هو الذي له الحق , فإذا كان من له الحق يسمى وليا , كان من له البضع أيضا يسمى وليا له. فلما احتمل ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله {لا
¥