فَإِنْ قَالَ قَائِل: وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يُقَال: سَلْ الرُّسُل , فَيَكُون مَعْنَاهُ: سَلْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ وَبِكِتَابِهِمْ؟
قِيلَ: جَازَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ وَبِكُتُبِهِمْ أَهْل بَلَاغ عَنْهُمْ مَا أَتَوْهُمْ بِهِ عَنْ رَبّهمْ , فَالْخَبَر عَنْهُمْ وَعَمَّا جَاءُوا بِهِ مِنْ رَبّهمْ إِذَا صَحَّ بِمَعْنَى خَبَرهمْ , وَالْمَسْأَلَة عَمَّا جَاءُوا بِهِ بِمَعْنَى مَسْأَلَتهمْ إِذَا كَانَ الْمَسْئُول مِنْ أَهْل الْعِلْم بِهِمْ وَالصِّدْق عَلَيْهِمْ , وَذَلِكَ نَظِير أَمْر اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِيَّانَا بِرَدِّ مَا تَنَازَعْنَا فِيهِ إِلَى اللَّه وَإِلَى الرَّسُول , يَقُول: " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول " وَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: فَرُدُّوهُ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله ; لِأَنَّ الرَّدّ إِلَى ذَلِكَ رَدّ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول , وَكَذَلِكَ قَوْله: " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا " إِنَّمَا مَعْنَاهُ: فَاسْأَلْ كُتُب الَّذِينَ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ الرُّسُل , فَإِنَّك تَعْلَم صِحَّة ذَلِكَ مِنْ قَبْلنَا , فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الرُّسُل مِنْ ذِكْر الْكُتُب , إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مَا مَعْنَاهُ.ا. هـ.
واكتفي بهذا النقل لنعلم مدى تلاعب أولئك القوم بكتاب الله.
8/ 4885 - مرحباً بسيد المسلمين، وإمام المتقين.
موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/ 66)، وعنه ابن عساكر في " التاريخ " (12/ 157/1): حدثنا عمر بن أحمد بن عمر القاضي القَصَبَانِي: ثنا علي بن العباس البَجَلي: ثنا أحمد بن يحيى: ثنا الحسن بن الحسين: ثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن الشعبي قال: قال علي: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره وزاد:
فقيل لعلي: فأي شيء كان مِن شُكْرِك؟ قال: حمدت الله تعالى على ما أتاني، وسألته الشكر على ما أولاني، وأن يزيدني مما أعطاني.
قلت: وهذا إسناد مظلم ضعيف جدا؛ آفته الحسن بن الحسين – وهو العُرني الكوفي الشيعي – متهم؛ قال أبو حاتم: " لم يكن بصدوق عندهم، وكان من رؤساء الشيعة ". وقال ابن عدي: " ولا يشبه حديثه حديث الثقات ". وقال ابن حبان: " يأتي عن الأثبات بالمُلْزَقات، ويروي المقلوبات ".
ومن فوقه ثقات رجال الشيخين. لكن من دونه؛ لم أجد ترجمتهم الآن.
ومما يؤكد وضع هذا الحديث: المبالغة التي فيه؛ فإن سيد المسلمين وإمام المتقين؛ إنما يصح أن يوصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فقط. ولذلك حكم على هذا الحديث – وأمثاله مما في معناه – العلماء المحققون بالوضع، كما تقدم في الحديث (353)؛ فراجعه.
9/ 353 - إن الله تعالى أوحى إلي في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: أنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.
موضوع. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 210) عن مجاشع بن عمرو: ثنا عيسى بن سوادة النخعي: حدثنا هلال بن أبي حميد الوزان عن عبد الله بن عكيم الجهني مرفوعا. وقال: " تفرد به مجاشع ".
قلت: وهو كذاب، وكذا شيخه عيسى بن سوادة، وبه وحده أعله الهيثمي في " المجمع " (9/ 121) فقصر. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" وهذا حديث موضوع عند من له أدنى معرفة بالحديث، ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم، ولا نعلم أحدا هو " سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين " غير نبينا صلى الله عليه وسلم، واللفظ مطلق، ما قال فيه مِن بعدي ". وأقره الذهبي في " مختصر المنهاج " (ص 473).
10/ 350 – من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
لا أصل له بهذا اللفظ. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" والله ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، وإنما المعروف ما روى مسلم أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ".
وأقره الذهبي في " مختصر منهاج السنة " (ص 38) وكفى بهما حجة.
¥