وبهذا اللفظ ومن طريق معاذ بن زهرة، أخرجه أيضاً: أبو داود في المراسيل (ص124) (99) والبغوي في شرح السنة (6/ 265) (1741)، والبيهقي في الكبرى (4/ 239) وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 511)، وعلقه ابن المبارك في الزهد له (2/ 828) (1098) عن حصين عن معاذ مرسلاً. ولم يذكر أحدٌ منهم عن معاذ قوله: أنه بلغه، سوى أبي داود، فإنه ذكر ذلك.
ومعاذ هذا، لم يوثقه أحد غير أن ابن حبان ذكره في الثقات وفي التابعين من الرواة كما قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (8/ 224).
وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 248) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال عنه الحافظ في التقريب (ص951): "مقبول"، ومقبول عند الحافظ أي حيث يُتابَع كما قال الحافظ نفسه في مقدمة التقريب (ص81) حيث قال عن المرتبة السادسة:
" من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ مقبول، حيث يتابع، وإلا فليّن الحديث ".
وحيث لم يتابعه أحد فروايته هذه إذن ليَّنة لا حجة فيها.
ومعاذ بن زهرة، ويقال له: أبو زهرة، هو تابعي إذن، وهذا يعني أن الحديث السابق معلول بالإرسال، والمرسل من القسم الضعيف؛ لأنه لا يعرف الساقط من هو؟
قال الحافظ المزي - رحمه الله - في ترجمة معاذ بن زهرة: " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً في القول عند الإفطار ".
وقال الإمام البخاري - رحمه الله -: " معاذ أبو زهرة: قال حصين مرسل، قاله يحيى بن معين ".
وقال ابن أبي حاتم: " معاذ بن زهرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً روى عن الحصين بن عبد الرحمن سمعت أبي يقول ذلك ".
وقال ابن حبان - رحمه الله -: " يروى المراسيل، روى عن حصين بن عبد الرحمن ".
قال الحافظ بن حجر - رحمه الله -: " مقبول أرسل حديثاً فوهم من ذكره في الصحابة " (1).
وقال ابن الملقن - رحمه الله - عن هذا السند الذي فيه معاذ قال في خلاصة البدر المنير (1/ 327): " رواه أبو داود بإسناد حسن لكنه مرسل ".
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 802) بعد أن ذكر أن أبا داود أخرجه من حديث معاذ قال: " وهو مرسل ".
وأورد الحديث المتقي الهندي في كنز العمال (7/ 81) (18056) وعزاه لأبي داود فقال: " عن معاذ بن زهرة مرسلاً ".
وأورد الحديث النووي في الأذكار (ص275) وعزاه لأبي داود أيضاً عن معاذ بن زهرة ثم ذكر الحديث وقال بعده: " هكذا رواه مرسلاً ".
وأخرج ابن السني الحديث في عمل اليوم واللية (ص169) (479) بلفظ آخر من طريق حصين بن عبد الرحمن عن رجل عن معاذ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: " الحمد لله الذي أعانني فصمت ورزقني فأفطرت ".
وفيه راوٍ مبهم كما هو واضح في السند، وهو هكذا عند ابن السني (2) عن معاذ رضي الله عنه يوهم أنه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، وليس كذلك وهو تصحيف لا أدري ممن هو؟ فالحديث لا يعرف أنه من مسند معاذ بن جبل بل هو من مراسيل معاذ بن زهرة، كما نص على ذلك الحفاظ من هذا الفن.
ومن الأدلة أيضاً على ذلك أن الحافظ ابن حجر - رحمه الله - قال في تهذيبه (8/ 224) في ترجمة معاذ بن زهرة لما ذكر رواية أبي داود عن معاذ هذا قال: " وقد أخرجه ابن السني الحديث من وجه آخر عن حصين بلفظ آخر ولم يقل في سياقه أنه بلغه ".
وقول الحافظ: " عن حصين بلفظ آخر " هو اللفظ الذي أوردته قبل قليل، وذلك لأن ابن السني - رحمه الله - ذكر الحديث بلفظين أحدهما عن حصين عن معاذ مرسلاً كما سبق ذكره، والآخر عن ابن عباس وسيأتي ذكره.
وبهذا يتبين أن ما ورد في عمل اليوم واللية لابن السني تصحيف ظاهر، والله أعلم. ثم وقفت على طبعة أخرى جاء فيها السند من طريق حصين عن رجل عن معاذ بن زهرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر .. فذكره، والإرسال هنا ظاهر (3).
تنبيه آخر وهو: أن السند جاء في مصنف ابن أبي شيبة (2/ 511) (4) هكذا: حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن أبي هريرة مرفوعاً بمثله.
وهذا تحصيف لا شك فيه ويدل على ذلك ما يلي:
1 - أن الحديث لا يعرف أنه من مسند أبي هريرة رضي الله عنه، بل رواه معاذ بن زهرة، وابن عباس وأنس رضي الله عنهم.
¥