تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و منها أن يحدث عن شيخ قد مات، فيقال للراوي: متى ولدت؟ و متى لقيت هذا الشيخ؟ و أين لقيته؟ ثم يقابل بين ما يجيب به و بين ما حفظ من وفاة الشيخ الذي روى عنه و محل إقامته و تواريخ تنقله. و مثاله: ما جاء عن عفير بن معدان أن عمر بن موسى بن وجيه حدث عن خالد بن معدان، قال عفير: فقلت له في أي سنه لقيته؟ قال سنة ثمان و خمسين و مائة، في غزاة أرمينية. قلت اتق الله يا شيخ، لا تكذب، مات خالد سنة أربع و خمسين و مائة، أزيدك أنه لم يغز أرمينية.

ومنها: أن يسمع من الراوي أحاديث عن مشايخ قد ماتوا، فتعرض هذه الأحاديث على ما رواه الثقات عن أولئك المشايخ، فينظر: هل انفرد هذا الراوي بشيء أو خالف أو زاد و نقص؟ فتجدهم يقولون في الجرح) ينفرد عن الثقات بما لا يتابع عليه (،) في حديثه مناكير (،) يخطئ و يخالف ( ... و نحو ذلك.

حفظ أهل الحديث:

و منها: أن يسمع الراوي عدة أحاديث، فتحفظ أو تكتب، ثم يسأل عنها بعد مدة، و ربما كرر السؤال مرارا لينظر: أيغير أو يبدل أو ينقص؟

دعا بعض الأمراء أبا هريرة، و سأله أن يحدث – و قد خبأ الأمير كاتبا حيث لا يراه أبو هريرة – فجعل أبو هريرة يحدث و الكاتب يكتب، ثم بعد سنة دعا الأمير أبا هريرة، ودس رجلا ينظر في تلك الصحيفة، و سأل أبا هريرة عن تلك الأحاديث؟

فجعل يحدث و الرجل ينظر في الصحيفة، فما زاد وما نقص و لا قدم و لا أخر.

و سأل بعض الخلفاء ابن شهاب الزهري أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتب،فأملى عليه أربع مائة حديث، ثم إن الخليفة قال للزهري بعد مدة: إن ذلك الكتاب قد ضاع. فدعا الكاتب فأملاه عليه، ثم قابلوا الكتاب الثاني على الكتاب الأول، فما غادر حرفا.

وكانوا كثيرا ما يبالغون في الاحتياط، حتى قيل لشعبة: لم تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون. وقال جرير: رأيت سماك بن حرب يبول واقفا فلم أكتب عنه. وقيل للحكم بن عتيبة: لم لم ترو عن زاذان؟ قال كان كثير الكلام.

مخالطة الأمراء:

وكانوا يطعنون فيمن خالط الأمراء، أو قبل عطاياهم، أو عظمهم، بل ربما بالغوا في ذلك، كما وقع لمحمد بن بشر الزنبري المصري مع سعة علمه، كان يملي الحديث على أهل بلده فاتفق أن خرج الملك غازيا، فخرج الزنبري يشيعه، فلما انصرف و جلس يوم الجمعة عي مجلسه، قام إليه أصحاب الحديث فنزعوه من موضعه، و سبوه و هموا به، و مزقوا رواياتهم. ثم ذكره ابن يونس في) تاريخ مصر (فقال:

) لم يكن يشبه أهل العلم (.

إنما كانوا يتسامحون فيمن بلغ من الجلالة بحيث يعلم أنه إنما يخالط الأمراء ليأمرهم بالمعروف، و ينهاهم عن المنكر، و يكفهم عن الباطل ما استطاع، كالزهري و رجاء بن حيوة. و روى الشافعي، قال: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك، فقال له: يا سليمان، الذي تولى كبره من هو؟ يعني في قول الله تعالى] والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم [} النور: 24 {- قال: عبد الله بن أبي، قال كذبت، هو فلان قال: أمير المؤمنين أعلم بما يقول، فدخل الزهري، فقال: يا ابن شهاب، من الذي تولى كبره؟ قال: ابن أبي / قال: كذبت، هو فلان. فقال الزهري لهشام: أنا أكذب لا أبا لك؟ و الله لو نادى مناد من السماء: إن الله أحل الكذب ما كذبت، حدثني عروة و سعيد و عبيد الله و علقمة، عن عائشة: أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي. و ذكر تمام القصة و فيها خضوع هشام للزهري و استرضاؤه له.

و قد وقعت للزهري قصة تشبه هذه مع الوليد بن عبد الملك، و فيها: أن الوليد قال له: يا أبا بكر! من تولى كبره أليس فلانا؟ قال الزهري: قلت: لا! فضرب الوليد بقضيبه على السرير: فمن؟ فمن؟ حتى ردد ذلك مرارا، قال الزهري: لكن عبد الله بن أبي. و في جواب سليمان لهشام لطيفة، حيث لم يقل:) أمير المؤمنين أعلم (و يسكت، بل قال أعلم: بما يقول، أي: أعلم بقول نفسه، لا أعلم بحقيقة الحال، و لكن المقام بم يكن لتغني فيه مثل هذه الإشارة، فلذلك قيض الله تعالى الزهري و وفقه، فقال ما قال. وقوله لهشام - وهو الملك-} لا أبا لك {جرأة عظيمة.

ورع أهل الحديث:

و كانوا من الورع و عدم المحاباة على جانب عظيم، حتى قال زيد بن أبي أنيسة: أخي يحيى يكذب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير