و سئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس، فقال: قد سمع من هشام بن عروة، و لكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه.
وروى علي بن المديني عن أبيه، ثم قال:) وفي حديث الشيخ ما فيه (.
وقال أبو داود: ابني عبد الله كذاب.
و كان الإمام أبو بكر الصبغي ينهى عن السماع من أخيه محمد بن إسحاق.
حفظ علماء السلف لتراجم الرجال
كان الرحل لا يسمى عالما حتى يكون عارفا بأحوال رجال الحديث.
ففي (تدريب الراوي (قال الرافعي و غيره: إذا أوصي للعلماء لم يدخل الذين يسمعون الحديث ولا علم لهم بطرقه ولا بأسماء الرواة ... و قال الزركشي: أما الفقهاء، فاسم المحدث عندهم لا يطلق إلا على من حفظ متن الحديث، و علم عدالة رواته و جرحها ... و فال التاج السبكي ... إنما المحدث من عرف الأسانيد و العلل و أسماء الرجال ... و ذكر عن المزي أنه سئل عمن يستحق اسم الحافظ، فقال:) أقل ما يكون أن يكون الرجال الذين يعرفهم و يعرف تراجمهم و أحوالهم و بلدانهم أكثر من الذين لا يعرفهم ليكون الحكم للغالب (.
فكان العالم يعرف أحوال من أدركهم، إما باختباره لأحوالهم بنفسه، و إما بإخبار الثقات له، و يعلم أحوال من تقدمه بأخبار الثقات، أو بإخبار الثقات عن الثقات .... و هكذا و يحفظ ذلك كله، كما يحفظ الحديث بأسانيده، حتى كان منهم من يحفظ الألوف، و منهم من يحفظ عشرات الألوف و منهم من يحفظ مئات الألوف بأسانيدها. فكذلك كانوا يحفظون تراجم الرواة بأسانيدها، فيقول أحدهم أخبرني فلان أنه سمع فلانا قال: قال فلان: لا تكتبوا عن فلان، فانه كذاب ... و هكذا ..
طائفة من مشاهير المكثرين
من الجرح و التعديل
1 - شعبة بن الحجاج:
ولد سنة) 83 (و توفى سنة) 160 (و هو أول من تجرد لذلك و شدد فيه، جاء عنه أنه قال سمعت من طلحة بن مصرف حديثا واحدا و كنت كلما مررت به سألته عنه، فقيل له: لم يا أبا بسطام؟ قال: أردت أن أنظر إلى حفظه، فان غير فيه شيئا تركته ..
2 - سفيان الثوري) 97 - 161 (:
له في ذلك نوادر، قال في ثور بن يزيد) خذوا عن ثور، و اتقوا قرنيه (و كان ثور قدريا، و يميل إلى النصب، فهذان قرناه.
3 - الإمام مالك ين أنس) 93 – 179 (:
كان لا يروي إلا عن ثقة.
4 - ابن المبارك) 118 – 181 (:
وكان ربما جعل كلامه في الرجال شعرا ليشتهر فمنه قوله:
أيها الطالب علما ائت حما بن زيد فاطلبن العلم منه ثم قيده بقيد
لا كثور و كجهم و كعمرو بن عبيد
وفي ترجمة أبي إسحاق الفزاري من) تهذيب التهذيب (وغيره: أن هارون الرشيد أخذ زنديقا فأراد قتله، فقال: أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ فقال له: أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري و ابن المبارك ينخلانها حرفا حرفا.