2 - وأما من جهة الإسناد ففيه نكارة، ومداره على القاسم بن عوف الشيباني ضعّفه يحيى بن سعيد القطان وشعبة كما أشار إلى ذلك القطان وقال أبو حاتم: "مضطرب الحديث، ومحلّه عندي الصدق"، وقال النسائي: "ضعيف"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": "مختلف في حاله"، وقال الحافظ: "صدوق يغرب".
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (8/ 326 - 327) و"الكامل" لابن عدي (6/ 37) و"الميزان" للذهبي (3/ 376) و"الكاشف" للذهبي و"التقريب" للحافظ ابن حجر.
وقد روى هذا الحديث أحمد (4/ 381) من طريق إسماعيل ابن عليَّة عن أيوب عن القاسم بن عوف الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن أو قال الشام، فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فَرَوَّأ في نفسه أن رسول الله r أحقّ أن يُعَظَّم، فلمّا قدم قال: يا رسول الله! رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروّأتُ في نفسي أنك أحقّ أن تعظم فقال: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
ورواه أحمد عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل قال: يا رسول الله! رأيت رجالاً باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك قال: (لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
ورواه من طريق ابن نمير سمعت أبا ظبيان يحدث عن رجل من الأنصار عن معاذ بمعناه. المسند (4/ 277).
فالحديث من طريق القاسم وأبي ظبيان ليس فيه أن معاذاً سجد للنبي r وإنما فيه عرض السجود للرسول ثم ردّ الرسول ذلك.
هذا مضمون هذا الحديث من هذين الوجهين، ومع ذلك فالحديث من طريق القاسم قد أعلّه أبو حاتم بالاضطراب، انظر "العلل" لابنه (2/ 253) وكذلك أعلّه الدار قطني في "علله" (6/ 37 - 38).
وأعلّ حديث أبي ظبيان بالاختلاف في إسناده ثم بالانقطاع؛ لأن أبا ظبيان لم يسمع من معاذ، انظر "العلل" (6/ 39 - 40).
وأما التصريح بأن معاذاً سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فرواه ابن ماجة حديث (1853) وابن حبان في صحيحه حديث (4171) والبيهقي (7/ 292) من طرق عن حماد بن زيد عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى به، وفيه سجد معاذ للنبي r الحديث فمدار هذه الطرق على القاسم الشيباني.
وذكر الدار قطني في "علله" (6/ 37 - 39) له طرقاً أخرى منها ما سبق.
ومنها عنه عن زيد ابن أرقم عن معاذ.
ومنها عنه عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبيه عن معاذ.
ومنها عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب عن معاذ.
ثم قال: والاضطراب فيه من القاسم بن عوف.
فهذا حال هذا الحديث المنسوب إلى معاذ فيه عدة علل:
1 - الأولى: ضعف القاسم بن عوف الشيباني.
2 - الثانية: اضطرابه في الأسانيد.
3 - الاختلاف في المتن.
4 - الانقطاع في إسناد أبي ظبيان بينه وبين معاذ.
5 - الاختلاف عليه، ونحن نستبعد وقوع مثل هذا من هذا الصحابي الفقيه الجليل معاذ ابن جبل -رضي الله عنه-.
وما كان كذلك لا يبنى عليه حكم شرعي فضلاً عن عقيدة.
أما حديث (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد الخ) فهو حديث ثابت إن شاء الله بمجموع طرقه عن أبي هريرة وأنس وعائشة. راجع "الإرواء" للعلامة الألباني (7/ 54 - 55).
جزاك الله خيراً وحفظ الله الشيخ ربيع - استفدت كثيرا من تعليق الشيخ جزاه الله خيراً