وقد ألف الفيروز آبادي صاحب "القاموس المحيط" رسالة دعاها: "إثارة الحَجون، لزيارة الحَجون" ذكر الصحابة المدفونين في تلك المقبرة، ونظم هذه الرسالة علي بن أبي بكر الصايغ، أحد علماء مكة في صفر سنة 1287 بأرجوزة سماها: "اللؤلؤ المكنون، في ذكر أسماء أهل الحجون" وذكر أن عدد الصحابة المدفونين في مقبرة الحجون ثمانية وثلاثون رجلاً وسبع نسوة، سرد جميع أسمائهم نقلاً عن رسالة الفيروز آبادي، التي تضمنت تراجم أولئك.
ولكن مما تجب ملاحظته:
1 - الاختلاف في موقع الحجون الوارد في كتب المتقدمين، فقد ذكر الفاسي أن الحجون جبل على يسار الداخل إلى مكة، ويمين الخارج منها إلى منى على ما ذكر الأزرقي والفاكهي، وهما أقدم مؤرخي مكة ممن وصلت إلينا مؤلفاتهم (2).
وإذن فهو مخالف لما عليه الناس من أن الحجون الثنية التي يهبط منها إلى مقبرة المعلاة.
وأضاف الفاسي: ولعل الحجون على مقتضى كلام الأزرقي والفاكهي والخزاعي هو الجبل الذي يقال: فيه قبر ابن عمر رضي الله عنهما أو الجبل المقابل له، الذي بينهما الشعب المعروف بشعب العفاريت انتهى.
ويرى مؤرخ مكة في عصرنا الأستاذ الشيخ أحمد السباعي أن ثنية الحجون تقع في الجبل المتصل بشعب عامر، وأن إطلاق اسم الحجون على ما هو معروف عند الناس الآن حدث بعد الإسلام (3).
2 - ليس كل من مات في مكة قبر في مقبرة الحجون كما يُفهم من رسالة صاحب "القاموس" إذ لمكة عند ظهور الإسلام مقابر غير مقبرة الحجون التي هي مقبرة المعلاة؛ منها: المقبرة العليا بين المعابدة وثنية الحرمانية –ثنية أذاخر- وكان يدفن فيها في الجاهلية وصدر الإسلام.
ومنها: مقبرة المهاجرين، بالحصحاص، بين فخّ والزاهر (الشهداء).
ومنها: مقبرة الشبيكة، وكانت تعرف بمقبرة الأحلاف، بينما تعرف مقبرة المعلاة بمقبرة المطيبين.
لهذا لا يمكن الجزم بأن من توفي في مكة مقبور بمقبرة المعلاة (الحجون)
3 - نص المتقدمون من مؤرخي مكة على عدم معرفة قبر أحدٍ من الصحابة إلا قبر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في سرف.
قال الفاسي: ولا أعلم في مكة، ولا فيما قرب منها قبر أحد ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم سوى قبر ميمونة، لأن الخلف يأثره عن السلف، وقال ابن ظهيرة في "الجامع اللطيف": عن مقبرة المعلاة: لما حوته من سادات الصحابة والتابعين، وكبار العلماء والصالحين، وإن لم يعرف قبر أحد من الصحابة تحقيقاً الآن. انتهى
وفي تاريخ مدينة دمشق ج:28 ص:254:
اخبرتنا ام البهاء فاطمة بنت محمد قالت أنا أبوطاهر أحمد بن محمود أنا أبوبكر بن المقرئ نا محمد بن جعفر الزراد نا عبيدالله بن سعد نا معاوية يعني ابن عمرو عن ابن إسحاق عن ابن المبارك عن جويرية بن اسماء عن جدته ان اسماء ابنة أبي بكر غسلت عبدالله بن الزبير بعدما تقطعت اوصاله وجاء الاذن في ذلك من عبد الملك عندما ابى الحجاج ان ياذن لها وحنطته وكفنته وصلت عليه وجعلت فيه شيئا حين راته يتفسخ اذا مسته قال مصعب بن عبدالله حملته اسماء فدفنته بالمدينة في دار صفية بنت حيي ثم زيدت دار صفية في المسجد فابن الزبير مدفون في المسجد مع النبي. وأبي بكر وعمر
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ج8/ 342:
وقيل إن عبد الله بن الزبير غسلته أمه أسماء بعد أن قطعت مفاصله وحنطته وطيبته وصلت عليه وحملته إلى المدينة فدفنته بدار صفية بنت حييى ثم إن هذه الدار زيدت فى مسجد النبى ص وأبي بكر وعمر وقد ذكر ذلك غير واحد فالله أعلم.
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ص 660:"وقال ابن المبارك، عن جويرية بن أسماء، عن جدته، أن أسماء بنت أبي بكر غسلت ابن الزبير بعدما تقطعت أوصاله، وجاء الأذن من عبد الملك بن مروان إلى الحجاج أن يأذن لها، وحنطته وكفنته وصلت عليه، وجعلت فيه شيئاً حين رأته يتفسخ إذا مسته.
قال مصعب بن عبد الله: حملته فدفنته في المدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد، فهو مدفون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما"
ـ[المعلمي]ــــــــ[20 - 05 - 07, 11:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام:
بينما كنت أتتبع بعض المواضيع القديمة، قدّر لي أن أفتح هذا الموضوع، ثم وجدت أن من الخير نفخ الروح فيه بعد أن أرم ...
وقد أعجبتني عبارة الأخ الكريم أبو خالد السلمي في مطلعه وهي قوله (أن الإنسان إذا توقع تصحيفا في كتاب بشهرة صحيح مسلم، ثم لم يجد أحدا نبه عليه قبله، فعليه أن يتهم نفسه، ويتوقع أن تكون العبارة صحيحة، وأن الوهم منه)
فالذي يظهر والله أعلم أن مقبرة اليهود كانت في المدينة، وهو موافق لما ذكره بعض المؤخين عن أسماء رضي الله عنها " أنها حملت أوصاله فدفنتها في المدينة)
وإن وقع الخلاف في مكان الدفن، فالأرجح ترجيح ما أخرجه الإمام مسلم ..
والله تعالى أعلم.
ـ[ابراهيم]ــــــــ[24 - 05 - 07, 02:36 م]ـ
الحديث فيه - كما نبه احد الاخوة - قبور اليهود وليس مقبرة لليهود وبين اللفظين من الفرق مالا يخفى!
¥