وفي الحد أيضاً معنى آخر مما ينظر فيه. وهو أن البدعة من حيث قيل فيها: إنها طريقة في الدين مخترعة ـ إلى آخره ـ يدخل في عموم لفظها البدعة التَّرْكِيَّةُ، كما يدخل فيه البدعة غير التركية فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك أو غير تحريم، فإن الفعل ـ مثلاً ـ قد يكون حلالاً بالشرع فيحرمه الإنسان على نفسه أو يقصد تركه قصداً.
فبهذا الترك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعاً أولاً، فإن كان لأمر يعتبر فلا حرج فيه، إذ معناه أنه ترك ما يجوز تركه أو ما يطلب تركه، كالذي يحرم على نفسه الطعام الفلاني من جهة أنه يضره في جسمه أو عقله أو دينه وما أشبه ذلك، فلا مانع هنا من الترك: بل إن قلنا بطلب التداوي للمريض فإن الترك هنا مطلوب، وإن قلنا بإباحة التداوي، فالترك مباح.
وكذلك إذا ترك ما لا بأس به حذراً مما به البأس فذلك من أوصاف المتقين، وكتارك المتشابه، حذراً من الوقوع في الحرام، واستبراءَ للدين والعرض.
وإن كان الترك لغير ذلك، فإما أن يكون تديناً أولاً، فإن لم يكن تديناً فالتارك عابث بتحريمه الفعل أو بعزيمته على الترك. ولا يسمى هذا الترك بدعة إذ لا يدخل تحت لفظ الحد إلا على الطريقة الثانية القائلة: إن البدعة تدخل في العادات. وأما على الطريقة الآُولى فلا يدخل. لكن هذا التارك يصير عاصياً بتركه أو باعتقاده التحريم فيما أحل اللّه.
وأما إن كان الترك تديناً فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين، إذ قد فرضنا الفعل جائزاً شرعاً فصار الترك المقصود معارضة للشارع.
لأن بعض الصحابة همَّ أن يحرم على نفسه النوم بالليل، وآخر الأكل بالنهار، وآخر إتيان النساء، وبعضهم هم ببالاختصاء، مبالغة في ترك شأْن النساء. وفي أمثال ذلك قال النبي (: ((من رغب عن سنتي فليس مني)) (1).
فإذا كل من منع نفسه من تناول ما أحل اللّه من غير عذر شرعي فهو خارج عن سنة النبي (، والعامل بغير السنة تديناً، هو المبتدع بعينه.
(فإن قيل) فتارك المطلوبات الشرعية ندباً أو وجوبباً، هل يسمى مبتدعاً أم لا؟
(فالجواب) أن التارك للمطلوبات على ضربين:
(أحدهما) أن يتركها لغير التدين إما كسلاً أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية. فهذا الضرب راجع إلى المخالفة للأمر، فإن كان في واجب فمعصية وإن كان في ندب فليس بمعصية، إذا كان الترك جزئياً، وإن كلياً فمعصية حسبما تبين في الأُصول.
(والثاني) أن يتركها تديناً. فهذا الضرب من قبيل البدع حيث تدين بضد ما شرع اللّه.
فإذاً قوله في الحد: ((طريقة مخترعة تضاهي الشرعية)) يشمل البدعة التركية، كما يشمل غيرها، لآن الطريقة الشرعية أيضاً تنقسم إلى ترك وغيره.
وسواءٌ علينا قلنا: إن الترك فعل أم قلنا: إنه نفي الفعل.
وكما يشمل الحدُّ الترك يشمل أيضاً ضد ذلك.
وهو ثلاثة أقسام:
قسم الاعتقاد، وقسم القول، وقسم الفعل، فالجميع أربعة أقسام.
وبالجملة، فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعي، يتعلق به الابتداع.
ـ[الذهبي]ــــــــ[09 - 09 - 03, 09:17 ص]ـ
أحسن الله إليك فضيلة الشيخ عبد الرحمن الفقيه، فقد كفيت ووفيت.
ووالله الذي لاإله إلا هو كان عندي يقين أن الحالمي سوف يوجه إليَّ سؤاله هذا، حيث أن هذه الشنشنة ليست غريبة علينا، فقد قال أحد دعاتهم في إحدى دروسه: {{الإحتفال بالمولد لم يفعله الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا الصحابة رضي الله عنهم، فهل مجرد الترك يكون مانعًا للفعل؟}}، فقال له (الطرابيش) الذين يحضرون له: (لا) فقال {{إذًا يكون الإحتفال بمولد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جائز وليست ببدعة}}، ثم ختمها بكذبه وتدليسه بقوله: {{وعلى هذا - يعني الجواز - فقهاء المذاهب الأربعة}}.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ[حميد الحالمي]ــــــــ[10 - 09 - 03, 04:13 ص]ـ
الاخوان عبدالرحمان والذهبي شكرا لكما واتوجه اليكما بهذا السؤال هل التبرك مساله عقديه ام فقهيه وما الفرق بين التبرك والتوسل Question
ـ[حميد الحالمي]ــــــــ[15 - 09 - 03, 06:36 ص]ـ
الاخوان اين انتما Question
ـ[حميد الحالمي]ــــــــ[17 - 09 - 03, 02:54 ص]ـ
بسمالله الرحمن الرحيم
اين انتم يا شباب مالذى جرى Question
ـ[حميد الحالمي]ــــــــ[16 - 12 - 03, 05:17 ص]ـ
اين الاجابه زززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززززز ززززززززززززززززززززززززززززززز