((هذا الحديث مداره على حماد بن سلمة يرويه عن ثابت، وهو من أوثق الناس فيه فاحتمال أن يهم حماد في هذا الحديث أو ينسى احتمال بعيد.
لكن اختلف عليه الناس في روايته فرواه بشر بن السري وأبو داود الطيالسي وعبيد الله بن موسى وسهل بن حماد فقالوا: عن حماد عن ثابت عن أنس مرفوعًا.
وخالفهم عبد الله بن مسلمة القعنبي فقال: عن حماد عن ثابت مرسلا دون ذكر أنس))
وحق هذا الإسناد أن يحكم فيه من النظرة الأولى لرواية من أسنده وذكر فيه أنس. لكن عكر على ذلك ترجيح الإمام الحافظ أبو حاتم الرازي لرواية الإرسال وهذا هو موضع الإشكال.
والذي يبدو لي أن لترجيح أبي حاتم للرواية المرسلة تخريجات ثلاث:
الأول: أن يكون أبو حاتم ممن يحكم للمرسل على المسند مطلقًا. وهذا غير صحيح عن أبي حاتم فإنه في مواضع كثيرة من العلل يحكم للأحفظ وإن كان مسندًا ومن ذلك ما جاء في المسألة رقم (2266) قال أبو محمد [عبد الرحمن بن أبي حاتم]: ((سألتُ أبي عن حديثٍ رواه حَمَّاد بن زيد، عن يونس وأيوب، عن محمد، عن أبي هريرة؛ قال: ((إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُ أَحَدَكُمْ إِذَا أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ))؟
قال أبي: رواه حَمَّاد بن سلمة، عن أيوب ويونس، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي r .
قلت لأبي: فأيهما الصحيح؟ موقوف أو مسند؟
قال: المسند أصحُّ)). انتهى كلام ابن أبي حاتم.
قلت: ((لم يحكم أبو حاتم لحماد بن سلمة لأنه أحفظ عنده من حماد بن زيد، ولكن توبع حماد بن سلمة على رفعه؛ فقد رواه مسلم (2616) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة به مرفوعًا.
ورواه (2616)، هو وأحمد (2/ 256) من طريق عبدالله بن عون، عن ابن سيرين به مرفوعًا أيضًا.
وصوب الدارقطني أيضًا هذا المسند في العلل (1841).
وأمثال هذا كثير عند أبي حاتم في العلل مما يدل على أنه ليس من مذهبه ترجيح المرسل على المسند مطلقًا وأن الحكم عنده للأحفظ.
التخريج الثاني: أن يكون أبو حاتم لم يقف إلا على رواية ابن أبي عمر العدني، وقد قال فيه: ((فيه غفلة)) فقضى لرواية القعنبي عليه.
وهذا بعيد في سعة حفظ أبي حاتم أن يكون هناك رواية عن الطيالسي وعن عبيد الله بن موسى كلاهما عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعًا. فيكون الحديث بهذا الإسناد ولا يقف عليه أبو حاتم، نفس العالم بقدر أئمة الحديث المتقدمين ترفض هذا، دون مغالة أو ادعاء عصمة، بل من بديهيات هذا العلم عندي أن يكون هؤلاء الأئمة من أمثال أحمد وابن معين والبخاري ومسلم وأبو زرعة وأبي حاتم قد حفظوا أحاديث الكبار من أمثال ثابت وحماد بن سلم وأحاديث الطيالسي ومن هم في طبقة هؤلاء من الحفظ والاتقان.
التخريج الثالث: أن تكون الروايات الأخرى (رواية الطيالسي، وعبيد الله بن موسى، وأبي عتاب) كلها ناتجة عن أخطاء الرواة المتأخرين وإلا فكيف لنا أن نفسر أن تكون هذه الروايات موجودة عن هؤلاء الحفاظ بهذه الأسانيد ولا يخرجها أحد من أصحاب الكتب المعروفة، وهذا إذا انضم إلى إعلال أبي حاتم للحديث وتقديمه للمرسل حجة قوية تركن النفس إليها في تضعيف هذا الحديث)).
ملحوظة: أورد الشيخ ناصر الألباني هذا الحديث في الصحيحة برقم (2886) وأورد طرقه المسندة، ولم يشر إلى إعلال أبي حاتم له فلا أدري هل ذلك بسبب أنه لم يقف عليه، أو أنه وقف عليه ولم يوافق منهج الشيخ رحمه الله في الحكم على الحديث، فإن الشيخ كثيرًا ما يقف على إعلالات لأبي حاتم وللدارقطني، ويحكم بخلافها، لأنها لا توافق منهجه في التصحيح. والعلم عند الله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اللهم أبرم لهذه الإمة أمرًا رشدا يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية.
ـ[علي عبد الباقي المصري]ــــــــ[05 - 05 - 07, 03:05 م]ـ
نفع الله بكم
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[07 - 12 - 07, 05:39 م]ـ
نفع الله بكم
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[07 - 12 - 07, 06:17 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم.
ولعل في هذا الرابط فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=99600
ـ[عبد المتين]ــــــــ[07 - 12 - 07, 09:25 م]ـ
و رجح الشيخ الفاضل العلوان أنه مرسل .....
ـ[احمد الجراح]ــــــــ[16 - 12 - 07, 04:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم ونفع بكم