[تعقيب على كلام الشيخ الفاضل المحدث بشار عواد حول التابعي عثمان بن حريز رحمه الله]
ـ[الميمان 611]ــــــــ[11 - 02 - 03, 02:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الفاضل الذي خدم السنة نفعنا الله بعلمه أن حريز بن عثمان التابعي لا يحتج به , وذلك بعد أن نقل كلام الذهبي عنه في الميزان والكاشف والمغني وغيرها , وكان سبب رد الشيخ له أنه ناصبي المعتقد , وهذا الكلام يَرِدٌ عليه مايلي:
أولاً: حكم الرواية عن المبتدع _ وهذا مما لا شك أنه لا يخفى طلبة العلم فضلاً على أن يخفى على الشيخ وفقنا الله وإياه _ وإنما أذكره هنا لإتمام الفائدة والله الموفق:
قال الذهبي كما في الميزان عند ترجمة أبان بن تغلب (1/ 5): " فبدعة صغرى كغلو التشيع او كالتشيع بلا غلو ولا تحرف فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الاثار النبوية وهذه مفسدة بينة ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء الى ذلك فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة وأيضا فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا "
قال الإمام علي بن المديني كما في الكفاية للخطيب البغدادي (129): " لو تركت أهل البصرة لحال القدر ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي يعنى التشيع خربت الكتب " قال الخطيب بعد هذا الكلام: " قوله خربت الكتب يعنى لذهب الحديث ".
وقال سليمان بن أحمد الواسطي كما في الكفاية (129): " قلت لعبد الرحمن بن مهدى سمعتك تحدث عن رجل أصحابنا يكرهون الحديث عنه قال من هو قلت محمد بن راشد الدمشقي قال ولم قلت كان قدريا فغضب وقال: وما يضره "
وقال الإمام الجوزجاني وهو يتكلم عن التحديث عن المبتدعة الصادقين والرواية عنهم كما مقدمة في أحوال الرجال له (80): " احتمل الناس حديثهم لما عرفوا من اجتهادهم في الدين وصدق ألسنتهم وأمانتهم في الحديث , ولم يتوهم عليهم الكذب , وإن بلوا بسوء رأيهم "
وقال أيضا في كتابه السابق (11) بعد أن ذكر مراتب البدع: " ومنهم زائغ عن الحق صدوق اللهجة قد جرى في الناس حديثه. إذ كان مخذولاً في بدعته , مأموناً في روايته. فهؤلاء عندي ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف / إذا لم يقو به بدعته ,فيتهم عند ذلك "
وذهب في هذا القول له إلا عدم الأخذ برواية المبتدع إذا روي ما يقوي بدعته وذهب وقال بن حبان وأن لا يكون داعياً إلى ذلك.
والراجح كما قال المعلمي في التنكيل (1/ 51): " المروي المقوي لبدعة الراوي , إما غير منكر , فلا وجه لرده فضلاً عن رد روايته , وإما المنكر فحكم المنكر معروف ... ألخ كلامه النفيس " وهذا مع الثقة كما لا يخفى.
قال الإمام بن حبان في الإحسان في تقريب صحيح بن حبان (1/ 160): " ولو عندنا إلا ترك حديث الأعمش وأبي إسحاق وعبد الملك بن عمير وأضرابهم لما انتحلوا , وإلى قتادة وسعيد بن أبي عروبة وأبن أبي ذئب وأشباههم بما تقلدوا .... _ إلى أن قال _ .... لكان ذلك ذريعة إلى ترك السنن كلها حتى لا يحصل في أيدينا من السنن إلا الشيء اليسير , وإذا استعملنا ما وصفنا أعلنا على دحض السنن وطمسها , بل الاحتياط في قبول رواياتهم الأصل الذي وصفناه دون الرافض ما رووه جملة "
قال الذهبي في الميزان (1/ 5): وذلك بعد ترجمة أبان بن تغلب " كوفي شيعي جلد , لكنه صدوق , فلنا صدقه وعليه بدعته "
ولذلك أخرج الإمام مسلم في صحيحه حديث عدي بن ثابت الشيعي في فضيلة علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهذا يدل على وثوقه في صدقه وأن بدعته لا تؤدي به إلا الكذب.
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في الباعث الحثيث (1/ 303) يعد سرده للأقوال في الرواية عن المبتدع: " وهذه الأقوال كلها نظرية , والعبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته , والثقة بدينه وخلقه , والمتتبع لأحوال الرواة يرى كثيراً من أهل البدع موضعاَ للثقة والاطمئنان , وإن رووا ما يوافق رأيهم , ويرى كثير منهم لا يوثق بأي شيئ يرويه "
قلت / فمدار القبول والرد على التوثيق والضبط ولله أعلم.
وعند النظر في ترجمة التابعي عثمان بن حريز نجد أنه ثقة ثبت رمى بالنصب , وليس على إطلاقه كما سيأتي إن شاء الله:
¥