قال الذهبي كما في السير (7/ 79): " الحافظ العالم المتقن , أبو عثمان الرحبي المشرقي الحمصي. محدث حمص من بقايا التابعين الصغار "
وقال عنه الإمام أحمد: " ليس بالشام اثبت من حريز الا ان يكون بحير قيل صفوان بن عمرو قال حريز فوقه حريز ثقة ثقة " كما في في الجرح والتعديل لإبن أبي حاتم (3/ 289).
وقال كما في سير أعلام النبلاء (7/ 80): " قال أحمد بن حنبل: حريز ثقة ثقة ثقة , لم يكن يرى القدر " أ. هـ
وقال الأمام أحمد أيضاً" صحيح الحديث إلا أنه يحمل على علي " رضي الله عنه كما في التهذيب (1/ 376) والكامل لابن عدي.
وقال معاذ بن معاذ كما في التاريخ الأوسط للبخاري (2/ 117): " لا أعلم أني رأيت أحداً من أهل الشام أفضله عليه "
ووثقه بن معين كما في سؤلات بن الجنيد لابن معين (399): حيث قال إبراهيم الجنيد عن يحيى بن معين " حريز وعبد الرحمن بن جابر وإبن أبي مريم هؤلاء كلهم ثقات "
وقال علي بن المديني كما في تهذيب التهذيب (1/ 376): " لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه "
و وثقه كل من بن شاهين ودحيم والمفضل بن غسان وقال ثبت كما في السابق.
وإتهمه بن حبان رحمه الله بسب علي سبعين مرة في الصباح وسبعين مرة في المساء , قال الذهبي معلقاً على كلام من اتهمه بسب علي كما في السير (7/ 81): " قلت: هذا الشيخ اورع من ذلك ".
وقد إستنكر الشيخ بشار كلام بن حبان وذكر أن السمعاني تبعه في ذلك_ أي في أن حريز يسب علي _ , وقال الشيخ إن هذا الكلام ليس له سند فلا يعتبر ولا يعتد به , قلت قد سبق كلام الذهبي رحمه الله.
واتهمه الفلاس ببغض علي وجاء عنه في ذلك أنه قال لا أحبه قتلت آبائي , وقال لنا أمامكم ولكم أماكم , وفي التهتذيب (1/ 377): " وقال غنجار: قيل ليحي بن صالح: لِمَ لم تكتب عن حريز؟ فقال: كيف أكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن علناً سبعين مرة "
وقال العجلي في معرفة الثقاة (1/ 291): " ثقة يتحامل على علي "
قال بن ماكولا في الإكمال (2/ 86): " وجاء عنه بغضه لعلي رضي الله عن وفي ذلك خلاف عنه "
وتابعه على ذلك الدارقطني كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (13/ 240):بعد أن ذكر ما كن من حريز لعلي رضي الله عنه " وفي ذلك إختلاف عنه "
وقد نفى هذه التهمة _ أي سب علي _ عن نفسه ونفاها عنه غيره:
في السير (7/ 80): " وروي عن علي بن عاش _وهو من تلاميذ حريز _ عن حريز انه قال: أأنا أشتم علياً؟! والله ما شتمته"
وفي تاريخ بن معين رواية الدوري (4/ 475): قال الدوري: " سمعت يحيى يقول: سمعت على بن عياش يقول سمعت: حريز بن عثمان الرحبي يقول لرجل: ويحك أما تتقي الله تزعم أني شتمت عليا لا والله ما شتمت عليا قط "
قلت هذا إسناد صحيح.
وفي السابق (7/ 80): " قال شبابة سمعت رجلاً قال لحريز بن عثمان: بلغني أنك لا تترحم على علي! قال: أسكت رحمه الله مائة مرة "
وممن نفى عنه هذه التهمة ابو حاتم فقال كما في الجرح والتعديل (3/ 289): " سمعت أبي _ القائل بن أبي حاتم _ يقول حريز بن عثمان حسن الحديث ولم يصح عندي ما يقال في رأيه ولا اعلم بالشام اثبت منه هو اثبت من صفوان بن عمرو وأبي بكر بن أبي مريم وهو ثقة متقن " , وقوله لم يصح أي أنها ضعيفة لم تثبت.
قال بن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (8/ 506): " حريز بن عثمان ثقة وقد روينا عنه أنه تبرأ مما أنسب إليه من الانحراف عن علي رضي الله عنه "
قال الخطيب البغدادي كما في تاريخ بغداد (8/ 258): " وحكى عنه من سوء المذهب وفساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه " , فأسانيد ما ذُكِرَ عنه من سبه ِلعَلي رضي الله عنه ضعيفة كما قال الخطيب.
وقال أبو اليمان _ وهو من تلاميذه _ كما في التاريخ الأوسط للبخاري (2/ 117) والكبير (3/ 104): كان حريز يتناول من رجل ثم تركه " قال أحمد بن عدي في الكامل "هو علي "
قال الحافظ بن حجر في الفتح المقدمة (1/ 415): " وهذا أعدل الأقوال فيه ".
وإن قيل كيف يقول أبو اليمان أنه كان يتناول رجلاً ثم ترك , وقد نفى ذلك عن نفسه , فيقال والله أعلم أن ما يقصده أبو اليمان مثل قوله لنا أمامنا ولكم أمامكم وقتل آبائي وغيرها , وحتى هذه تركها , والله المستعان , أما السب فلا والله أعلم.
أما القصة التي في تاريخ بغداد (8/ 278) و تهذيب الكمال (5/ 578) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك قال حدثنا إسماعيل بن عياش قال سمعت حريز بن عثمان قال:
" هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى حق ولكن أخطأ السامع قلت فما هو فقال إنما هو أنت مني مكان قارون من موسى قلت عن من ترويه قال سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر "
قال الحافظ أبو بكر الخطيب ونقلها عنه المزي في التهذيب: " عبد الوهاب بن الضحاك كان معروفا بالكذب في الرواية فلا يصح الاحتجاج بقوله "
وقد أخرج له البخاري حديثين وأصحاب السنن , وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه بما لا يوجب الرد رقم (84).
و على فرض ذلك فقد سبق بيان أن الحجة في ذلك هو التوثيق ما دامت البدعة صغرى , ويبدو أن الشيخ قاس بغض علي والتحامل عليه على البدعة الكبرى , كما يفهم من كلامه , ولكن يقال أنه لم يثبت عنه ما قيل فيه , و أنه قد وثقة جمهور الحفاظ إن لم يكن كلهم مع أن بعضهم وصفه بالنصب ووثقه فهذا دليل على أن بدعته _ إن ثبتت عنه _ فهي من البدع الصغرى التي يروى عن صاحبها إن أُمِنَ منه الكذب , وهذا حال حريز بن عثمان إن شاء الله.
والله تعالى أعلم
أخوكم / الميمان النجدي
¥