تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو ما يُفهم من صنيع الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ؛ فإنه لما خرج في " المسند " (2/ 275) رواية السيناني، أتبعها برواية وكيع المرسلة، وفي هذا إشارة منه إلى إعلال رواية السيناني الموصولة برواية وكيع المرسلة؛ لأن المراسيل ليست من موضوع " المسند " ().

وقد رواه: هناد بن السري، عن وكيع، عن عبد الله بن سعيد، عن رجل، عن عكرمة ـ مرسلاً ـ.

أخرجه: أبو داود، وقال:

" وهذا أصح ".

والشاهد من هذا الاستطراد: أن المخطئ في هذا الحديث هو الفضل بن موسى السيناني وهو ثقة من الثقات، ومع ذلك؛ فقد أنكر الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ حديثه هذا الإنكار الشديد؛ فدل ذلك على أن الخطأ إذا تحقق من وقوعه ـ ولو من الثقات ـ كان الحديث شاذاً منكراً، لا يُعتبر به، ولا يُشتغل به.

ومن ذلك:

قال المروذي ():

" سألت أحمد عن حديث: عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرة، عن علي، عن النبي r ، أنه مسح على الجبائر.

فقال: باطل، ليس من هذا شيء؛ من حدث بهذا؟

قلت: ذكروه عن صاحب الزهري.

فتكلم فيه بكلام غليظ " ا هـ.

وصاحب الزهري؛ هو: محمد بن يحيى الذهلي، الإمام الحافظ المعروف، لقب بذلك لجمعه حديث الزهري واعتنائه به، وقد أنكر الإمام أحمد هذا الحديث عليه، بل أنكره قبل أن يسأل عن راويه؛ فثبت المطلوب من أن المنكر أبداً منكر، بصرف النظر عن حال راويه.

وقد سئل الإمام ابن معين () عن هذا الحديث أيضاً، فأجاب بمثل جواب الإمام أحمد.

" فقال: باطل، ما حدث به معمر قط، عليَّ بدنة مقلدة مجلل إن كان معمر حدث بهذا! هذا باطل! ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم!! من حدث بهذا عن عبد الرزاق؟! قالوا له: فلان ().

فقال: لا والله! ما حدث به معمر، وعليّ حجة من هاهنا ـ يعني: المسجد ـ إلى مكة إن كان معمر بهذا" ا هـ.

فقد أنكره غاية الإنكار، وضعفه هذا الضعف الشديد، وحكم بأنه باطل، وأنكر أن يكون معمر حدث به، فالآفة عنده ممن دون معمر، وليس دونه إلا عبد الرزاق والراوي عن عبد الرزاق، وعبد الرزاق ثقة، والراوي عنه قد علمتَ أنه حافظ ثقة، وابن معين ممن يوثقه، ومع هذا؛ فقد صرح هو بأنه لو أن عبد الرزاق حدث به لكان حلال الدم، مع أن عبد الرزاق من الثقات.

وهذا من أدل دليل، على أن الحديث المنكر أبداً منكر، وأنه لا يصلح في الاحتجاج ولا في الاستشهاد، وأن رواية الثقة له لا تدفع نكارته، بل الحديث إذا تُحقق من نكارته ـ إسناداً أو متناً ـ، وكان راويه ثقة، حمل على أنه مما أخطأ فيه الثقة.

ومثل صنيع ابن معين في هذا الحديث:

صنيعه في حديث أبي الأزهر النيسابوري؛ في الفضائل.

وذلك؛ لما حدث أبو الأزهر بحديث: عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: نظر النبي r إلى علي، فقال: " يا علي! أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخر، حبيبك حبيبي، وبغيضك بغيضي ... " ـ الحديث ().

فإن ابن معين؛ لما سمع هذا الحديث، قال: " من الكَذَّاب الذي يحدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث "، فقام أبو الأزهر وقال: هو أنا ذا! فقال ابن معين: الذنب لغيرك في هذا الحديث، واعتذر إليه.

فرغم أن أبا الأزهر صدوق، وأن ابن معين برأه من عهدة هذا الحديث، إلا أنه حكم بأنه حديث كذب، ولم يرجع عن ذلك رغم أنه علم أن إسناده من رواية الثقات، وذلك لأنه تأمل الرواية، سنداً ومتناً، فرأى أن هذا المتن إنما ألصقه مَن ألصقه بهذا الإسناد النظيف.

وهذا الحديث؛ قد تتابع الأئمة على إنكاره، بل حكم بعضهم بوضعه، على الرغم من ثقة رواته، واتصال إسناده.

فقد صرح ابن معين هاهنا، بأنه كذب.

وقال الذهبي ():

" هذا؛ وإن كان رواته ثقات فهو منكر، ليس ببعيد من الوضع ... " ().

ومن ذلك:

حديث؛ رواه ابن أبي زائدة، عن يحيى بن سعيد، عن مسلم بن يسار، قال: رأى ابن عمر رجلاً يعبث في الصلاة بالحصى، فقال: إذا صليت فلا تعبث، واصنع كما صنع رسول الله r ـ فذكر الحديث.

قال أبو حاتم وأبو زُرعة ():

" هكذا رواه ابن أبي زائدة، وإنما هو: مسلم ابن أبي مريم، عن علي ابن عبد الرحمن المعاوي، عن ابن عمر؛ والوهم من ابن أبي زائدة ".

ثم قال أبو زرعة:

" ابن أبي زائدة قلما يخطئ فإذا أخطأ أتى بالعظائم ".

قلت: وهو ثقة، ورغم قلة أخطائه عند أبي زرعة وهذا يقتضى أنه ثقة أو صدوق عنده، إلا أنه وصف تلك الأخطاء القليلة بأنها " عظائم "، وهذا يقتضي أنها شديدة وفاحشة.

وهذا؛ يدل على أنه لم يعلق الحكم على روايته على حاله في الضبط عنده، وإنما تجاوز ذلك إلى التأمل الثاقب فيما يروي.

والخطأ الذي وقع فيه ابن أبي زائدة في هذا الحديث، هو خطأ في الإسناد؛ حيث قلب راوياً براوٍ، وأسقط آخر من الإسناد.

وهذا؛ يدل على أن هذا النوع من الخطأ إذا وقع فيه الراوي في روايته، فإنه يكون خطأ قبيحاً، يفضي إلى تضعيف تلك الرواية جداً، فلا يُعتبر بها، ولا يُستشهد بها، ولو كان الراوي ثقة.

وقد كان بإمكان هذين الإمامين أن يعتبرا هذا الإسناد إسناداً آخر للحديث، ومع ذلك فلم يفعلا، بل اعتبراه خطأ، وأعلاه بالإسناد الآخر المحفوظ، فمن يظن أن أي إسناد سالم من كذاب أو متهم أو متروك يصلح للاستشهاد، فهو من أجهل الناس بالعلم الموروث عن الأئمة والنقاد.

والكتاب مهم ومفيد جدا جدا

راجعه في مكتبة ملتقى أهل الحديث

الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات للشيخ طارق عوض الله

http://www.ahlalhdeeth.com/books/book-1.htm

أخي الكريم

بحثت عن الكتاب في الرابط المذكور في مجلد الحديث فلم اجده،

رجاء ذكر اسمه ومكانه في المكتبة،

بارك الله فيك،

وقد تم ربط موضوعكم بمبحث في تقوية الضعيف بكثرة طرقه

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=101845

لمزيد من الفائدة.

والله المستعان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير