أرى أن كثيرا من المناقشات حول هذا الموضوع الخطير تدور حول نقاط متفق عليها خاصة وأنها بين إخوة سلفيين يدعون إلى التمسك بمنهج السلف وهم المتقدمون.
لذلك أنصح إخواني بالتنبه للأمور التالية:
1) أننا متفقون على أن المتقدم أعلم وأقعد من المتأخر حتى قال الذهبي في الإسماعيلي وقد توفي عام 371 " وجزمت بأن المتأخرين على إياس من أن يلحقوا المتقدمين "
وقال شيخنا أبو عبد الرحمن الوادعي " فالمتقدمون أحدهم يعرف المحدث وما روى عن شيخه وما روى عن طلبته ويحفظون كتاب فلان، فإذا حدث بحديث يقولون: هذا ليس بحديث فلان "
وقال شيخنا ناصر الدين " الأصل هو التسليم للعلماء المتقدمين "
2) أننا متفقون على أن المتأخر ليس له أن يخالف ما أجمع عليه المتقدمون قال الحافظ ابن حجر " يتبين عظم موقع كلام المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه ".
3) المتقدمون كلامهم مقدم في أمور ليس للمتأخر أن يخالفهم فيها من ذلك حكمهم في الجرح والتعديل فليس للمتأخر أن يقول سبرنا!! روايات فلان ثم يخرج لنا بحكم يخالف فيه أهل الشأن من المتقدمين.
قال ابن كثير:" أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلما من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم، و اطلاعهم، واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصفوا بالإنصاف والديانة، والخبرة والنصح، لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكا أو كذاباً أو نحو ذلك فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفه في مواقفهم، لصدقهم وأمانتهم و نصحهم ".
4) منهج المتأخرين الذي يدندن حوله لا وجود له في الواقع وإنما الذي وجدناه أن بعض المتأخرين في تصرفاتهم واجتهادهم يخالفون المتقدمين في التطبيق لكن ذلك لا يكفي ليكونوا منهجاً مستقلاً، لأنهم يتفقون مع المتقدمين في الخطوط العامة لهذا العلم.
5) محل الخلاف الذي يجب على الإخوة أن يشبعوه بحثاً وهو متفرع إلى فرعين:
الأول) إذا اختلف المتقدون فيما بينهم ولو كانت الكثرة في جانب المخالف فهل يحق لنا أن نعارضه بقول القلة!!
ومثال ذلك إذا ضعف الإمام أحمد واسحاق وابن المديني وغيرهم حديثاً وصححه الترمذي أو النسائي أو أبو داود وكانت الحجة في نظرنا مع الطرف الثاني فهل يحق لنا أن ننكر على المخالف!
وهل يحق للمخالف لنا أن يحكم علينا بأننا على منهج المتأخرين وأنه على منهج المتقدمين.
الذي أعرفه عن شيخنا أبي عبد الرحمن الوادعي أنه على هذا المنهج وإن سماه بعضهم منهج المتأخرين ولم أسمعه يستشهد في هذا الباب إلا بحديث معاذ من طريق قتيبة ين سعيد فلما قلت له ياشيخ " إعلال الحديث بتفرد الثقة منهج لبعض المتقدمين وجمهورهم لا يعل بمجرد التفرد " فقال لي " يا أخانا يا أخانا أنت من تناطح!! "
فالشيخ يرى أن هذه الكثرة التي ردت حديث معاذ ثمثل اتفاق لا يحق للمتأخر مخالفته وهذا كما ذكرت سابقاً أمر متفق عليه.
والشيخ يقول " نعم إذا اختلف أئمة الحديث في الرواي أو في صحة الحديث وضعفه، فلك أن تنظر إلى القواعد الحديثية وترجح ما تراه صوابا إذا كانت لديك أهلية وإلا توقفت "
ولم نسمع الشيخ يوما ينتقد شيخنا الألباني في منهجه وطريقته كما يفعل بعض الأغرار وإن كان يخالفه في حكمه على بعض الأحاديث.
تنبيه:
أن محل الخلاف المشار إليه عند التطبيق العملي في الحكم على كثير من الأحاديث نجد أنه لا ينبني عليه عمل فحديث معاذ في الجمع بين الصلاتين وإن قلنا بضعفه فعندنا حديث أبي جحيفة في الصحيحين يقوم مقامه في بيان مشروعية جمع التقديم وقل مثل ذلك في حديث أبي موسى في المسح وغيرهما.
الثاني) إذا ذكر المتقدم علة في الإسناد أو المتن وكان عند المتأخر جوابا شافياً لرد العلة التي صرح بها المتقدم فهل يحق لمتأخر مخالفة المتقدم وهل يوصف حينئذ أنه على منهج المتأخرين!!.
¥