تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهل هذه الراية المعظمة منصورون بنصر الله، مؤيدون بجنده، ومحفوظون برعايته

وكون الإسلام قادماً، والدين منتصراً، أمر محسوم، وقضية متيقنة، فالمواجهة مهما طال زمنها، وعظمت مشقتها، واستفحل شررها، وامتد أمدها، والإمكانيات الإسلامية مهما ضعفت وسلبت، وخسائرها مهما عظمت فالعاقبة للإسلام، والنصر آت لا محالة، بعد تحصيل أسبابه، وامتلاك وسائله، جاءت بذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ودلت على ذلك الوقائع التاريخية، فإننا على يقين لا يختلجه شك ولا يعتريه ريب أن حكم الإسلام سيمضي على أرجاء المعمورة، وسيكون جيلنا الذي شهد انحسار المد الشيوعي بسقوط دولة الإلحاد السوفييتي، هو نفسه الذي سيعاين انكسار المد الصليبي في العالم، ويتبع ذلك انحدار الطغيان اليهودي، والأيام حبلى والدنيا دول، والحرب سجال، والله تعالى يقول (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) وليس الصليبيون وأخلاؤهم الصهاينة بمعزل عن نظام هذه الآية

وقد أتت على الأمة الإسلامية أزمات كثيرة من ذي قبل، وكانت الأمة الإسلامية تفقد فيها ريادتها وسيادتها على البسيطة، أو يفقدون أمنهم واستقرارهم وحريتهم ولكنهم مع ذلك لم تمر عليهم أزمة أقسى ولا أمر من تجربتهم المعاصرة على امتداد تاريخهم الطويل، ولكن كما مرت المراحل المرة السابقة بسلام، وعلى خير، فإن هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها ستسفر عن خير وتمكين، وعز ونصر للإسلام والمسلمين ولكن علينا أن نعرف طبيعة المرحلة التي نعيشها، والمعركة مع عدونا، لنعلم لم كانت مرحلتنا هذه أصعب وأعتى مرحلة؟ ولنعلم أيضاً كيف يكون المخرج منها؟ والذي يسعى لفك هذه الأزمة الراهنة هم المؤمنون بهذا الدين، المجاهدون على مبادئهم الصادقون في ولائهم لأولياء الله، والذين يكنون كل العداء لأعداء الله، حتى يتم التمكين للإسلام وأهله، وهؤلاء هم الذين يعيدون التمكين للمؤمنين، والسيطرة على كل أقطار الأرض، وليس بأنياب المخذلين والمرجفين، ولا بوسائل المثبطين والمنافقين

ومن المبشرات لهؤلاء المجاهدين أنهم لا يضرهم تخذيل المخذلين، ولا إرجاف المرجفين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك) أخرجه مسلم في صحيحه (1924) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه

وعلى العامل لدينه، المهتم بشؤون أمته، المتلمظ على واقعه، أن يوطن نفسه على احتمال المكاره دون سآمة أو ملل، وانتظار النتائج بدون استعجال مهما بعدت وتطلع للفرج مهما استحكمت الكرب، ومواجهة الشدائد مهما ثقلت، بقلب لم تلزق به ريبة، وعقل لا تطيش به كربة، يظل دائماً ثابت الجأش، واثقاً بالثبات، لا يرتاع لمزن يحلق في السماء، ولا لعواصف هوجاء تهز المبادئ والقيم

وعلينا أن يكون تفكيرنا معمقاً، وطرحنا متزنا فلا تسيطر علينا الحسابات المادية، ولا القوى البشرية، ولا تعظيم المخترعات العصرية، والمستجدات الحديثة، فقوة الله فوق كل قوة، ولا يضرنا كثرة عدد عدونا، وقلة عددنا، فقد جاء القرآن ليكرس في عقيدتنا أن النصر ليس هو بكثرة العدد والعدة، ولا القوة والشجاعة فكثيراً ما يضيف الله تعالى النصر إلى نفسه. قال تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ) (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) وغير ذلك من الآيات القرآنية، التي تبين أن النصر ليس منوطاً بالقوات العسكرية، ولا الطاقات البشرية، ولكنه مدٌ من الله تعالى يبعثه إذا شاء، ويصرفه كيف يشاء حكمة منه وعدلاً، والله عزيز حكيم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير