قلت: خولف يحيى بن سليمان الجُعفي في إسناده؛ فقد رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده [كما تقدم] عن عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا عبد الكريم بن هلال، أخبرني أسلم المكّي، أخبرني أبو الطّفيل، عن أبي ذر الغفاري مرفوعا نحوه.
ويحيى بن سُليمان، أبو سعيد الجعفي، وثقه الدارقطني، وقال أبو حاتم الرازي: "شيخ"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال ابن حبان: "ربما أغرب"، وقال مسلمة بن قاسم: " .. وله أحاديث مناكير".
فروايته لا تنهض لمخالفة عبد الله بن عمر بن أبان مُشكدانة الكوفي، فعبد الله مجمع على ثقته وجلالته، ليس فيه أدنى مغمز، فلا يشكّ حديثي أن روايته أولى بالتقديم، والله أعلم.
وفي هذا الإسناد علل أخرى تقدم ذكرنا لها في طريق حديث أبي ذر المتقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6) حديث علي بن أبي طالب الموقوف:
قال ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 372/32115): حدثنا معاوية بن هشام، قال: ثنا عمار، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، عن علي، قال: ((إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح، وكتاب حطة في بني إسرائيل)).+
معاوية بن هشام ثقة، وشيخه هو عمار بن رُزيق الكوفي ثقة أيضا، والأعمش ثقة مشهور بالتدليس، وشيخه المنهال ثقة، وعبد الله بن الحارث هو الأنصاري البصري، وليس هو عبد الله بن الحارث بن نوفل؛ فالثاني لم يذكروا من تلاميذه المنهال بن عمرو بخلاف الأول، وما أظنه سمه من علي بن أبي طالب شيئا، فجلُّ روايته عن ابن عباس، وعائشة، وغيرهما. فيكون هذا السند منكراً لعنعنة الأعمش، ولانقطاعه بين عبد الله بن الحارث الأنصاري وعلي بن أبي طالب، والله الموفق.
وللموضوع صلة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7) معضل المهديّ: وقد ورد هذا الحديث مُعضلا من حديث الخليفة المهدي العباسي:
ذكره ابن نقطة في تكملة الإكمال (3/ 141) بقوله: "وجهم بن السباق، حدث عن بشر عن الرشيد، عن المهدي بحديث مرفوع: ((مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح .. الحديث)). روى عنه محمد بن زكريا الغلابي".
قلت: لم أجد من وصله، ولعله في مسانيد الخلفاء للصّولي (ولا تطوله يدي الآن)، والإسناد باطل، الغلاّبي متروك متّهم (كما في لسان الميزان 5/ 168)، ومن فوقه إلى هارون الرّشيد لم أجد لهم ترجمة، والمهدي العبّاسي لم يسمع من أحد من الصّحابة، فالحديث بهذا الإسناد معضل باطل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (7/ 395) رداًّ على ابن المطهّر الحلّي: "وأما قوله: (مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح)، فهذا لا يُعرف له إسناد صحيح، ولا هو في شيء من كتُب الحديث التي يُعتمد عليها".
وضعفه كذلك الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة برقم (4503).
وقد تقدّم معنا تضعيف الذهبي في تلخيص المستدرك (2/ 343)، وابن كثير في تفسيره (4/ 115)، ويضاف إليهما الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 168)، فقد ذكر أغلب طرق هذا الحديث وضعفها جميعاً.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (6/ 499): "وحديث سفينة نوح أنكرُ وأنكر".
ومن هنا فليعلم الإخوة أن حديث (سفينة نوح) مُنكر ضعيف لا يصحّ البتّة.
وقد أعجبني كلام للشيخ الألباني في الضعيفة لا بأس بنقله (10/ص11/رقم4503):
["ثمّ رأيت الخُميني قد زادّ على عبد الحُسين في الافتراء؛ فزعم (ص171) من كتابه ((كشف الأسرار)) أن الحديث من الأحاديث المسلَّمة المُتواترة!!
ويعني بقوله: ((المسلَّمة))؛ أي: عند أهل السنَّة!
ثم كذب مرة أخرى كعادته، فقال:
"وقد ورد في ذلك أحدَ عَشَرَ حديثاً عن طريق أهل السنة"!
ثم لم يسُق إلا حديث ابن عباس الذي فيه المتروك؛ كما تقدمَّ"] اهـ
وقد أوهم عبد الحسين الموسوي في مراجعاته (ص151) أن الحديث صحيح بعزوه لصحيحة المستدرك!!!!
فليت شعري هل كل ما في مُستدرك الحاكم صحيح؟!!
كلا، والله، بل في أحاديث موضوعة كثير، والحاكم عند المُحدّثين معروف بتساهله، لذلك كثر تعقّب الذهبي له في تلخيصه للمستدرك، وخاصة أحاديث الفضائل يسوقها كان الحاكم رحمه الله يتساهل فيها كثيراً، لذا فكثير منها ممّا أورده في مستدركه ضعيفة أو موضوعة، والله الموفّق ..
وللموضوع صلة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت (أحمد بن سالم): انتهى كلام الأخ الفاضل ((أبي إسحاق التطواني))، وهو منقول من ((منتديات شبكة الدفاع عن السنة)).
¥