فان قيل لعلها اخذت ذلك من واقعة اخرى غير هذه الثلاث
قلت لا يعرف ذلك ولوكان هذا عندها لما احتاجت ان تقول ما رواه هشام عن ابيه عنها , بل كانت تذكر ذلك الشيئ الاخر الذي عرفت قيمته فذلك اوفى بمقصودها من ذكر مالم تعرف ولا عرفت قيمته.
فان قيل قد قال النسائي اخبرنا قتيبة ثتا جعفر بن سليمان عن حفص بن حسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قطع النبي صلى الله عليه وسلم في ريع دينار
قلت: جعفر فيه كلام وحفص مجهول
فان قيل فقد يعكس عليك الامر فيقال لو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله " تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا" او نحوه لما احتاجت ان تقول ما رواه هشام عن ابيه عنها
قلت: هناك مسالتان:
الاولى: هل يقطع في ربع دينار
الثانية: هل يقطع فيما دون ذلك
فحديثها مرفوعا " تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا" يدل على المسالة الاولى بمنطوقه ولا يدل على الثانية الا بمفهوم المخالفة فكانها لنا ارادت الاحتجاج على انه لا يقطع في الشيئ التافه استضعفت ان تخصص القران بمفهوم المخالفة فلم تحتج بهذا الحديث وعدلت الى ما رواه هشام عن ابيه عنها وكانها كانت تجوز ان تكون قيمة ذاك المجن كانت اقل من ربع دينار فاخبرت بما عندها وهو انه اقل ما يقطع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وتركت النظر لغيرها
< هل روايةلا تقطع اليد… .. شاذة! > فان قيل فقد جاء في بعض الروايات حديث عمرة عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقطع اليد الا في ربع دينار فصاعدا" وهذا واضح الدلالة على المسالة الثانية
قلت: هذا اللفظ مرجوح والمحفوظ "تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا" أو ما في معناه
كما ياتي بيانه ان شاء الله
وكأن من روى بلفظ "لا تقطع اليد…" إنما روي بالمعنى فصرح بمقتضى مفهوم المخالفة
< ويساتي بقية الكلام على هذه الرواية> اذا تقرر هذا فلو صح عنها انها انها قالت " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع اليد في ربع دينار" لوجب حمله على انها اخذته من قول النبي صلى الله عليه و سلم " تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا" بناء على ان من شأنه صلى الله عليه وسلم ان يوافق فعله قوله فاذا قال تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا فان لم يقع القطع بالفعل لعدم الرفع فهو واقع بالقوة
والحق ان ذلك اللفظ " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ربع دينار فصاعدا "
لا يثبت عن عائشة , ولكن يمكن ان تكون تلك حال ابن عيينة سمع الحديث بلفظ تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا" فرواه تارة كذلك وذلك حين اعتنى بالحديث عند تحديثه للحميدي كمامر وتارة بلفظ القطع في ربع دينار وتارة " السارق اذا سرق ربع دينارقطع"
وتارة قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ربع دينار فصاعدا" والثلاثة الاخيرة كلها من باب الرواية بالمعنى اما الثاني والثالث فظاهر واما الرابع فلما استقر في نفس ابن عيينة ان النبي صلى الله عليه وسلم اذا قال شيئا عمل به او كانه قد عمل به
وقد مر بنا كلام ابن دقيق العيد أنه لا يجوز للراوي إذا كان سماعه لرواية الفعل أن يغيره إلى رواية القول فيظهر من هذا أنهما حديثان مختلفا اللفظ وان كان مخرجهما واحدا اه>
وقد ذكر الطحاوي في مشكل الاثار حديثا من طريق شجاع بن الوليد عن ابن شبرمة بسنده قال رجل يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة قال امك قال ثم من قال امك ثلاث مرات قال ثم من قال ابوك ثم رواه من طريق ابن عيينة وفيه ذكر الام مرتين فقط ثم قال الطحاوي “ وقد يحتمل ان يكون ابن عيينة ذهب عنه في ذلك ما حفظه شجاع لان ابن عيينة كان يحدث من كتابه" وعبر صاحب المعتصر بعبارة منكرة وفي المعتصر في الكلام على حديث اخرجوا يهود الحجاز واهل نجران من جزيرة العرب “ ان ابن عيينة روى اخرجوا “ المشركين من جزيرة العرب" ثم قال في المعتصر” ففيه غلط ابن عيينة لانه كان يحدث من حفظه فيحتمل ان يكون جعل مكان اليهود والنصارى المشركين اذ لم يكن عنده من الفقه ما يميز بين ذلك” كذا في المعتصر: وقوله اذ لم يكن …." عبارة بشعة بل ارى الطحاوي يتفوه بها وانما هي من تغيير المختصر الذي ليس عند ه من العلم ما يعرف به مقام ابن عيينة كما فعل المختصر في الموضع السابق.
والمقصود هنا انما هو ان ابن عيينة كان كثيرا ما يروي من حفظه ويروي بالمعنى.
هذا وصنيع مسلم في صحيحه يقتضي انه يرى انه لا فرق في المعنى فانه صرح اولا بلفظ ابن عيينة الاول قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عبيه وسلم …" ثم ساق الاسناد عن معمر وابراهيم ابن سعد وسليمان بن كثير وقال كلهم عن الزهري بمثله مع ان لفظ معمر وابراهيم كلفظ الحميدي عن ابن عيينة ولفظ سليمان كلفظ الشافعي عن ابن عيينة
يتبع…