تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 06 - 03, 02:46 ص]ـ

قَالَ أبو حاتم الرازي في "علل الْحَدِيْث" (1\ 91 #245): «كتبت عن قتيبة حديثاً، عن الليث بن سعد لَمْ أُصِبه بمصر عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ، عن النَّبِيّ ? أنه كَانَ في سفر فجمع بَيْنَ الصلاتين». ثُمَّ قَالَ: «لا أعرفه من حَدِيْث يزيد. والذي عندي أنه دَخل لَهُ حَدِيْثٌ في حَدِيْث». فهذا حديثٌ عرف أبو حاتم أنه شاذٌ لا أصل له، رغم أن قتيبة ثقة ثبت. فحاول أبو حاتم إعلال الحديث بأن قتيبة قد أخطأ ودخل له حديث في حديث. هذا مع أن أبا حاتم –على تعنته في الرجال– قد وثق قتيبة. وما حمله على إعلال الحديث إلا علمه بشذوذه.

وقد خالف قتيبة في روايته هذه عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عدداً من الرواة الثقات مثل مالك بن أنس وسفيان الثوري وقرة بن خالد وعمرو بن الحارث وزهير أبي خثيمة و زيد بن أبي أنيسة وغيرهم. وهؤلاء رووه عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ. وكذلك أصحاب الليث رووه عَنْهُ، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ.

وهذا يُفسّر لك معنى قول الحاكم: «ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية، ولا وجدنا هذا المتن –بهذه السياقة– عند أحدٍ من أصحاب أبي الطفيل، ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل عن أبي الطفيل. فقلنا الحديث شاذ». وانتبه كثيراً لقول الحاكم "بهذه السياقة" لأن هؤلاء كلهم رووه بغير هذه السياقة، ولذلك عرفنا أن الحديث شاذ. ولو لم يروِ هؤلاء هذا الحديث بالمرة (لا بهذه السياقة ولا بغيرها)، لصار الحديث غريباً وخرج أن يكون شاذاً (إن استثنينا الشذوذ في المتن).

وسياق الحديث الصحيح أخرجه مالك في موطئه (1\ 143): عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبره: «أنهم خرجوا مع رسول الله ? عام تبوك. فكان رسول الله ? يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. فأخّر الصلاة يوماً، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً». وأخرجه –مختصَراً– مسلم في صحيحه (1\ 490 #706): حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن أبي الطفيل عامر عن معاذ قال: «خرجنا مع رسول الله ? في غزوة تبوك، فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً». (#706): حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد –يعني ابن الحارث– حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو الزبير حدثنا عامر بن واثلة أبو الطفيل حدثنا معاذ بن جبل قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء». فقلت: «ما حمله على ذلك؟». فقال: «أراد أن لا يحرج أمته». انتهى.

وقد تتابع الحافظ على إنكار هذا الحديث. قال أبو داود في سننه (2\ 7): «لَمْ يروِ هَذَا الْحَدِيْث إلا قتيبة وحده». ونقل الدارقطني هذا في سننه (1\ 392). وفي رواية اللؤلؤي لسنن أبي داود أنه قال: «هذا حديثٌ منكَر. وليس في تقديم الوقت حديثٌ قائِم». وكذلك أثبته عنه ابن حجر في تلخيص الحبير (2\ 49). فهذا إعلالٌ للحديث بالشذوذ. وقال الترمذي عن هذا الحديث في سننه (2\ 438): «حسن غريب، تفرّد بِهِ قتيبة. لا نعرف أحداً رواه عن الليث غيره. وحديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ حديثٌ غريب. والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ: من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ أن النبي ? جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء (يعني: وليس فيه جمعُ تقديم). رواه قرة بن خالد وسفيان الثوري ومالك وغير واحد عن أبي الزبير المكي» يعني الذي أخرجه مسلم ومالك. وقال الذهبي في السير (11\ 22): «وأمَّا النَّسَائِيُّ، فامتنعَ مِن إِخراجِهِ؛ لِنَكَارتهِ». وقد ذكر الحاكم أن النسائي حدث به، لكن هناك فرق بين هذا وبين إخراجه في كتابه السنن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير