[البحث الأمين في حديث الأربعين (منقول)]
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[21 - 06 - 03, 12:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
البحث الأمين في حديث الأربعين
كتبه/الشيخ عبد العزيز بن عمر الربيعان
صدر الجزء الثامن من كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، وهو الجزء الأول من التكملة والذي قام بتأليفه فضيلة الشيخ عطية محمد سالم تلميذ مؤلف الكتاب أصلاً، وهو العلامة بحر العلوم الزاخر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله الذي اخترمته المنية قبل إتمام ذلك الكتاب النفيس والسفر العظيم الذي في اعتقادي لا يماثله كتاب في هذا الفن - تفسير القرآن الكريم - مما سبقه من كتب التفسير. وقد وصل فيه مؤلفه إلى آخر سورة الحديد فانتدب لإكماله فضيلة الشيخ عطية القاضي بمحكمة المدينة، وقد حرص أثابه الله على محاكاة خطة المؤلف والنسج على منواله بقدر الإمكان، فلما صدر الجزء الأول من التكملة وهو من أول سورة المجادلة حتى آخر سورة المرسلات تردد على ألسنة طلبة العلم وشاع بينهم أن فضيلة المؤلف قد وقع في بعض الأخطاء التقليدية التي في اعتقادي أنه لو تجرد أمامها من المؤثرات الخارجية واتجه في بحثها إلى علمه وعقله فقط لما وقع فيها، ونظراً لكوني لم أقرأ كل الكتاب وإنما قرأت بعضه فإني سوف أناقش فضيلة المؤلف في مسألتين هما فيما قرأت أولاهما مسألة تصحيحه لحديث "من صلى بمسجدي أربعين صلاة .. الخ"، وثانيهما مسألة شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبدأ بالأولى من المسألتين فأقول:
إن فضيلته صحّح هذا الحديث وقد ضعفه بعض اهل العلم ممن هم أعلم منه بهذا الشأن, وقد صححه الشيخ عطية دون أن يقدم أي حجة يرد بها دليل من ضعّفه سوى كلمة بسيطة نقلها عن الشيخ حماد الأنصاري لا تغني في الموضوع شيئاً، لذلك سوف نناقش فضيلة الشيخ حماد مع فضيلة الشيخ عطية إذ هو شيخه في ذلك التصحيح، فنقول:
أيها الشيخان الكريمان أنظرا معنا أولا في متن الحديث وتأملا في أسلوبه بتجرد وإخلاص فربما وافقتمانا على أن أسلوبه ليس نبوياً ولا عربياً بليغاً وهذا نصه: "من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار ونجا من العذاب وبرئ من النفاق" أليس النار هي العذاب؟ .. أليس العذاب عند الاطلاق ينصرف إلى عذاب الآخرة؟ .. مقتضى التعبير البليغ أن يكتفي بواحد من هذين إما النار أو العذاب، وبعد ذلك "وبرئ من النفاق" بعد أن ضمن له النجاة من النار والعذاب أخبر ببراءته من النفاق ومعلوم أن من ضمنت له النجاة من النار لا يكون منافقاً لا في الحاضر ولا في المستقبل.
ثم إن مقتضى هذا الحديث أن من صلى في المسجد النبوي الشريف ثمانية أيام تحقق له ما تحقق لأهل بدر حيث أخبر المصطفى عليه السلام أن الله قال لهم: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ولو كان ذلك صحيحاً لعرفه السلف الصالح وبادروا إليه وتناقلوه فيما بينهم وبلّغوه إلى من بعدهم إذ هذا أمر ليس بالهيّن فكيف لم يرد إلا بخبر واحد عن صحابي واحد من طريق تابعي واحد غير معروف عند علماء الإسلام ولم يرد اسمه في حديث واحد غير هذا الحديث ولا في كتاب واحد من كتب الترجمة سوى كتاب ابن حبان، وهذا الذي قلناه عن متن الحديث مجرد وجهة نظر خاصة لا نلزم أحداً بقبولها ولا نلوم من خالفنا فيها.
والآن إلى سند الحديث لنرى غير متعصبين لأحد ولا ضد أحد، إنما نريد الحق فقط رغبة منا بأن لا تبنى أعمال المسلمين على الظنون والأوهام ولا على مجاراة العواطف, يقول فضيلة الشيخ حماد الأنصاري وتبعه الشيخ عطية بأن هذا الحديث صحيح وانتقد من ضعفه بجهالة نبيط بن عمرو من أهل الاختصاص بهذا الفن، أما الشيخ عطية فقد اكتفى بنقل عبارة مختصرة عن الشيخ حماد ولم يكلف نفسه أي عناء في سبيل البحث ليقدم لقرائه من طلبة العلم خلاصة دراسة وافية وبحث عميق مقنع. وظن وفقه الله أن طلبة العلم يكتفون بهذا الجهد الخفيف وإن لم يكتف بذلك بعض منهم ففي البعض الآخر بركة - هذا ظني والعلم عند الله وإذا كان بعض الظن إثماً فبعضه حق - ونقول لفضيلته: إننا من البعض الذي لا يكتفي بمثل هذا البحث الخفيف في المسائل المختلف فيها في سبيل الوصول إلى الحق والقول على الله ورسوله، أما فضيلة الشيخ حماد فقد احتج لتصحيحه هذا الحديث بما يلي:
1 – نبيط بن عمرو ذكره ابن حبان في الثقات.
¥