تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجوربين فخالف الناس، وأسند أيضا عن يحيى بن معين قال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس.

وأما حديث أبي موسى وهو الذي أشار إليه أبو داود فأخرجه ابن ماجه في سننه والطبراني في معجمه عن عيسى بن سنان عن الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين انتهى ولم أجده في نسختي من ابن ماجه ولا ذكره ابن عساكر في الأطراف وكأنه في بعض النسخ فقد عزاه ابن الجوزي في التحقيق لابن ماجه وكذلك الشيخ في الإمام وقال: وقول أبي داود في هذا الحديث ليس بالمتصل ولا بالقوي أوضحه البيهقي، فقال: الضحاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى وعيسى بنُ سنان ضعيفٌ لا يحتج به انتهى، وأخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء وأعله بعيسى بن سنان وضعفه عن يحيى بن معين وغيره.

وأما حديث بلال فرواه الطبراني في معجمه من طريق ابن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على الخفين والجوربين انتهى، وأخرجه أيضا عن يزيد بن أبي زياد وابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحوه، ويزيدُ بن أبي زياد وابن أبي ليلى مستضعفان مع نسبتهما إلى الصدق والله أعلم.اهـ

قلت: وقد وقع لي أيضاً قول الدارقطني في كتابه العلل /7 ـ 112/ وقد سئل عن حديث هزيل بن شرحبيل عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين والنعلين، فقال: يرويه الثوري عن أبي قيس الأودي عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة ورواه كليب بن وائل عن أبي قيس عمن أخبره عن المغيرة وهو هزيل ولكنه لم يسمه ولم يروه غير أبي قيس وهو مما يعد عليه به لأن المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين. اهـ

كذلك وجدت البخاري في التاريخ الكبير /3 ـ 137/ ينقل عن يحيى بن معين تضعيفه لحديث أبي قيس، ومن المعروف أن هذا النقل منه عم السكوت عليه إقرار منه له.

فيظهر لدينا مما تقدم أن حديث المغيرة، قد ضعفه جمع من الأئمة منهم: أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن معين وسفيان الثوري وعلي بن المديني والبخاري ومسلم بن الحجاج وأبو داود والنسائي و الدارقطني، والبيهقي ………….

ومن المعروف أن هؤلاء الأئمة هم أسياد من تكلم بالعلة وهي شرط من شروط الصحة والحُسن في الحديث!

ومما تقدم معنا أيضاً أن الحديث لا يعرف إلا من طريق سفيان الثوري والذي نص على ضعف هذا الحديث بعينه، فيا سبحان الله كيف بنا نصحح روايةً ضعفها راويها والذي يعد في نفس الوقت من كبار الحفاظ والنقاد.!!

كذلك فإنه من غير المعقول أن يغفل هؤلاء الأئمة عن قاعدة زيادة الثقة وهم من أحدثها في علم الحديث، إذا أراد أحدهم أن يقول إن لفظة الجوربين زيادة على أصل الحديث المعروف.

ومن الملاحظ أن الترمذي قد نقل عن الإمام أحمد وسفيان الثوري أنهما قالا بالمسح على الجوربين، وقد مر معنا أنهما قالا بضعف الحديث، وهنا يجب أن ننبه إلى أن عمل الإمام بفقه حديث لا يكون تصحيحاً له دائماً، لأنه قد يصح العمل عنده بفقه الحديث لدواع أخر، وإن هذا الحديث ينطبق عليه هذا الأمر لأن الإمام أحمد والثوري اشترطا في الجوربين أن يكونا ثخينين كما نقل عنهم الترمذي، ولو كان الحديث عندهم صحيحاً لاكتفيا بظاهر الحديث ولاحتاج كل منهم دليلاً على تقييد الجورب بالثخانة، والذي يظهر لي أنهم قد قاسوا الجورب على الخف مع ما تقدم من عمل بعض الصحابة في المسح على الجورب.

هذا وقد وقع لي في معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي / 2 ـ 704 / طريق آخر لحديث

المغيرة بن شعبة بالمسح على الجوربين والنعلين، بإسناد لا يصح.

والذي ألخصه من هذا البحث أن حديث المغيرة رضي الله عنه، بلفظ الجوربين، ضعيف بسبب العلة، وأن المسح على الجوربين قد صح فعله عن عدد من الصحابة، وما أراهم يفعلونه إلا عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن قياس الجورب على الخف أمر قريب وارد وقد قاسه الفقهاء والدليل على ذلك إيرادهم لبعض الشروط في الجورب كما في كتب الفقه، وإنني ممن يقولون بالمسح على الجوربين، ولا أقول بصحة حديث المغيرة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

والحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير