تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خصوصاً وأنه روي عن أبي سفيان أنه قال: جاورت جابراً بمكة ستة أشهر، وقال أبو العلاء القصاب: قال أبو سفيان: كنت أحفظ وكان سليمان اليشكري يكتب؛ يعني عن جابر. [ذكرهما العلائي والعراقي في التحفة].

ولذلك والله أعلم قال ابن أبي حاتم في المراسيل، وغيره: ويقال إن أبا سفيان أخذ صحيفة جابر عن سليمان اليشكري.

والله أعلم.

2 - الرواية التي فيها الجمع بين أبي سفيان وأبي صالح – كما سبق ذكره - عند مسلم، وهي من رواية شيبان بن عبد الرحمن النحوي أحد الأثبات، لم يتكلم فيه إلا الساجي، فقال: صدوق عنده مناكير وأحاديث عن الأعمش تفرد بها، وقال أبو حاتم: كوفي حسن الحديث صالحٌ يكتب حديثه.

ولم يرو له البخاري حديثاً من روايته عن الأعمش؛ كما ذكر ذلك ابن حجر في هدي الساري، فقال:

ومع ذلك فلم أر في البخاري من حديثه عن الأعمش شيئاً لا أصلاً ولا استشهاداً.

قلت: فلعلّ السبب ما ذكره الساجي من تفرده عن الأعمش بأحاديث، خصوصاً هذه الرواية التي خالف فيها أبا معاوية وابن نمير.

ففي القلب منها شئ، وإن كان صاحب كتاب، ولكن لو ثبت أن هذا الحديث بعينه في كتابه لقلت برجحانها. والله أعلم.

3 - الراوي الآخر أبو الزبير المكي، وهو محمد بن مسلم بن تدرس، وهو كذلك ليس على شرط البخاري في الرجال؛ ولم يحتج به في الصحيح؛؛ لأنه متكلم فيه أيضاً، ومن ذلك:

قال عبد الله بن أحمد في العلل (1285): قال أبي: وكان أيوب يقول: حدثنا أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير؛ قلت لأبي: كأنه يضعفه؟ قال: نعم.

قلت: قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان قال: سمعت أيوب السختياني يقول: حدثني أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير، قال سفيان بيده يقبضها.

فقال أبو عيسى: إنما عنى الإتقان والحفظ. (السلسبيل صحيفة 220)، لكن ذكر ابن حجر في التهذيب أن ابن عدي رواها من طريق أبي عيسى فقال: قال: سفيان بيده، يضعفه.

قلت: الذي في المطبوع من الكامل لابن عدي عندي: قال سفيان بيده، يقبضه، قال المحقق: كذا بالأصل. فالله أعلم.

وقد ضعفه أيضاً شعبة؛ قال ابن عدي: حدثنا أبو عروبة ثنا سليمان بن عبد الله بن خالد قال: سمعت سويد بن عبد العزيز يقول: قال لي شعبة: لا تكتب عن أبي الزبير؛ فإنه لا يحسن يصلي.

قلت: ولشعبة في عدم ارتضائه غير ذلك من أنه رآه يسترجح في الميزان، وهذا إن صح، فإنه لم يقدح في حديثه عند بقية الأئمة، بل احتملوا حديثه، وروى عنه من لا يروي إلا عن ثقة كمالك وابن عيينة وغيرهما، ووثقه أكثر الأئمة.

وقد جاء عن شعبة ما قد يدل على تراجعه في ذلك؛؛ فقد روى ابن عدي من طرق عن عمرو بن علي عن أبي داود عن شعبة قال: الساعة يخرج الساعة يخرج حدثنا أبو الزبير .. (ثم روى من حديثه).

ويؤيده ما رواه ابن عدي من طريق هشام بن عمار أن سويد بن عبد العزيز ذكر أن شعبة نهاه عن أخذ الحديث من أبي الزبير وأبان بن أبي عياش .. قال: سويد: ثم ذهب هو؛ فأخذ منهم. والله أعلم.

4 - قد وصف أبو الزبير بأنه مدلس، فقد ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وهم من أكثروا من التدليس؛ فلم يحتج الأئمة بمروياتهم إلا فيما صرحوا فيه بالتحديث.

وقد بحث هذه المسألة ورد على ابن حجر الشيخ ناصر الفهد حفظه الله تعالى في كتابه "منهج المتقدمين في التدليس" صحيفة (87).فليراجع فإنه مفيد جداً.

وقد نوقشت هذه المسألة في هذا المنتدى المبارك.

5 - الراوي عن أبي الزبير وهو معقل بن عبيد الله الجزري قال أحمد: صالح الحديث، وكذلك قال النسائي في الكنى كما في التهذيب، وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف، وهذا يخالف الروايتين الأخريين عن ابن معين، وقال ابن حبان: كان يخطئ ولم يفحش خطؤه فيستحق الترك.

وقال عنه ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ.

ولذلك لم يحتج به البخاري، ولا روى عنه في صحيحه، والله أعلم.

وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي الزبير فيما علمت، ولم يتابعه إلا ابن لهيعة، وهي متابعة ساقطة لشدة ضعف ابن لهيعة وتدليسه، وكذلك رواية يزيد بن عياض بن جعدبة عن أبي الزبير عن النعمان بن قوقل لا قيمة لها كما سأبيّنه بمشيئة الله تعالى.

6 - ذكر المزي في التحفة (2/ 198/2313)، ما قد يعل به الحديث، فقال: رواه جابر بن نوح عن الأعمش عن أبي صالح عن النعمان بن قوقل؛ ورواه يزيد بن عياض بن جعدبة عن أبي الزبير عن النعمان بن قوقل.

وهاتان الروايتان لم أجد من أخرجهما، ولكنهما ضعيفتان لا تصلحان حتى للاعتبار، لضعف جابر ويزيد.

فأما جابر فقد اتفقوا على تضعيفه، وقال عنه أبو داود: ما أنكر حديثه.

قلت: وتتبين نكارة حديثه من روايته لهذا الحديث، والله أعلم.

وأما يزيد فقد كذبه مالك وابن معين (مرة) والنسائي وأحمد المصري، وضعفه الباقون.

وبهذا يتبين أن هاتين الروايتين منكرتان جداً.

هذا ما تيسر لي كتابته عن هذا الحديث، والله أعلى وأعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير